+ A
A -
أعلن بنيامين نتانياهو عن حملة حفريات تطال المنطقة المحيطة بالمسجد الأقصى / الحرم القدسي الشريف، وكل القدس القديمة بحثا عن أدلة على ارتباط اليهود بهذه المقدسات، بعد أن قطعت «اليونسكو» قبل أيام، بأن المنشآت الدينية الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس لا علاقة لها البتة بيهود فلسطين.
القرار باتر وقاس على إسرائيل المعتمدة في روايتها التاريخية على آثار قديمة في القدس تثبت تاريخ إسرائيل «المجيد». قرار اليونسكو أطار صواب اليهود ونحر على أرض الواقع خرفانهم التي أعدوها للذبح في الأقصى والمقدسات الأخرى.
هذه الحقيقة تبرهن على بطلان ما جمعه أو ادعى جمعه علماء الآثار عن أدوات في بطن المدينة المقدسة، منسوبا لليهود. وإذا كان نتانياهو سيفشل قطعا في العثور ولو حتى على كأس فخارية ترجع لليهود، فإنه يبقى للأسف أفضل حالا حتى من شيعة العراق وسوريا الذين حركتهم قم وطهران للحفر في حلب أكبر المدن السورية السنية والموصل أكبر المدن السنية العراقية، للحفر فيهما، ليس بحثا عن آثار، ولكن لبقر بطون السنة وإخراج أحشائهم والسيطرة على اثنتين من أكبر تجمعات السنة في الشرق، ليس للادعاء بأنهما شيعيتان خالصتان، ولكن لبسط الهيمنة الفارسية الشيعية عليهما في إطار امبراطورية يجري رسم حدودها الجديدة في حوزات قم التي تدعي الإسلام.
العراق كله، وأجزاء كبيرة من سوريا ولبنان واليمن، وغيرها بلعها الحوت الإيراني. لكنني استغرب أيما استغراب من عرب لا يزالون يعتقدون بصدق وعود إيران بتحرير فلسطين، فهذا الزمن المخادع انتهى منذ انهيار «الربيع العربي» عام 2011، والذي نشأت على جنباته أو على جنبات خيباته جيوش شيعية جرارة استقدمت من جميع أنحاء العالم، للانقضاض على أرض السنة العرب، فثمة فرصة لن تتكرر لضم الأرض، تمهيدا للادعاء بأن صفوة إلهية بقيادة الولي الفقيه المزعوم، تستعد لنشر العدالة في صفوف الإسلام، مع إعطاء الانطباع الكاذب طبعا بأن الشيعة هم مسلمون والسنة هم كفار.
ليفعل نتانياهو ما يشاء وليحمل فأسه في مقدمة حفاري القبور كما يريد، ولكن صدقوني بأن كل ذلك ما كان ليتم لولا ضعف غير مسبوق ألمّ بالعرب ونسب زورا وبهتانا إلى هجمة بن لادن على أميركا عام 2001، واستثمرته طهران، ليس كتركيا المناضلة المخلصة، ولكن كدود الأرض عندما بدأوا يأكلون لحم العرب نيئا وبنفس مفتوحة.
انكشفت نوايا إيران، ومع ذلك فإن قلة قليلة من السنة العرب يتصرفون كما لو أنهم شيعة مخلصون(!)، وكما لو أن الفرس هم أصحاب المجد والسؤدد وليس «عربان الصحراء»! هؤلاء بالتأكيد طابور خامس سيسقط مع السقوط الإيراني المدوي القريب، كسقوط حفائر نتانياهو في الأقصى.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
25/10/2016
810