+ A
A -
لم يعد ثمة ما يجري في الخفاء في سوريا والعراق واليمن، فهذه الدول مفضوحة تماما. والمدينتان السنيتان الكبيرتان شمالي الهلال الخصيب، حلب في سوريا والموصل في العراق تقفان أمام خطر السقوط في أيدي الشيعة الملأى بالحقد التاريخي على كل ما هو سني.
وإذا كان الروس يساعدون شيعة سوريا ويمدونهم بالسلاح فإن الأميركيين يساعدون شيعة العراق ويمدونهم بالسلاح. وهذه حقيقة لا يستطيع أحد إنكارها أو الجدل فيها. سلاح الجو الرسوي يدمر حلب السنية من اجل «تحريرها» كما يزعمون، وسلاح الجو الأميركي يخرب الموصل من اجل تحريرها المزعوم من داعش، وهم في الحقيقة «يحررونها» أو يطهرونها من أهلها السنة!!
يساهم الأميركيون والروس والإيرانيون ليس في صنع انتصارات وطنية أو في تحرير شعوب هنا أو هناك، وإنما يضعون الإسفلت اللازم فوق رمال الصحراء لمد دروب الانتقام السني الآتي والذي قد يكون الاكثر ترويعا في التاريخ الحديث.
الشيعة والأكراد لم يتواجدوا في الموصل ذات الغالبية العربية السنية الساحقة، بل لم يكونوا في المدينة عبر وجود تاريخي ملموس على مر العصور. وإذا كان بضع مئات من الدواعش قد احتلوا الموصل قبل عامين ونصف، فإن تحالفا يضم عشرات الآلاف من الجيش العراقي الذي هو في الواقع جيش شيعي خالص، وميليشيات شيعية إرهابية مجرمة ومليئة بكره السنة وميليشيات كردية وطائرات اميركية، يشن الآن حملة طويلة عريضة جوية وبرية لانتزاع المدينة من حكامها الدواعش ومن ثم توزيع اللحم على القبائل المجرمة التي تنتظر كالكواسر، ليس لحم الدواعش ولكن لحم الشعب السني.
موازين القوة في صالح خمسين ألف عسكري شيعي مؤدلج مقابل خمسة آلاف داعشي، لذلك ستسقط الموصل. وبعد الانهيار سيكون هناك سلب ونهب واسعان، لكن من سيحكم الموصل على الأغلب هي الحكومة الإيرانية التي تحكم العراق وينوب عنها - العراقي بالاسم - حيدر العبادي، ولكن يبقى علينا ان نعرف على وجه التحديد ماذا ستقول تركيا التي كانت الموصل جزءا منها حتى أوائل القرن العشرين، وماذا سيقول الاكراد الذين يفتحون افواههم كالضواري للسيطرة على الموصل.
باختصار ستدخل المدينة وربما ما هو اكثر من المدينة، في صراع دموي وحشي واعمال ثأر شيعي طائفي وعرقي. وسيسألون وقتها بحرقة: أين داعش؟! طبعا لا تعني هذه العبارة التهكمية اي رغبة في بقاء داعش، لكننا نقف امام مثال من انتفاض فتاك لأعشاش الدبابير والاقتتال على أحقية حكم المدينة، لذلك من الواضح ان الفوضى القادمة بقوة الى الموصل ستمكث هاك سنوات.
والأمر المؤكد الآخر هو ان داعش لن يختفي بعد معركة الموصل، فقادته أصبحوا الآن في الرقة والمناطق الفاصلة المحيطة بالموصل ذاتها والمعارك القادمة ستكون أشد قسوة ودموية ليس على مستوى المنطقة فحسب، بل على مستوى العالم الغربي برمته. فالدواعش وأنصارهم الارهابيون سيشكلون طبقة مميتة من انتحاريين سينتشرون بالآلاف في العالم العربي والاسلامي، وفي اوروبا واميركا. والى لقاء آخر حول «ما بعدل الموصل».

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
22/10/2016
1106