+ A
A -
لسنا بحاجة للتفكير مطولاً لندرك اشتراك دول الخليج في المصير.. فلو تجاهلنا عمدًا المشتركات الاجتماعية والعرقية، لن يسعنا إغفال المشترك الأكبر وهو الجغرافي. يعني أن أي ما من شأنه أن يحدث في إحدى الدول لابد أن يخيم على جاراتها. إن مسألة الجوار الجغرافي وحدها كفيلة بأن تضع الجميع تحت حتمية الاشتراك في المصير، مهما اختلفت الرؤية السياسية والأهداف لكل منهم. ونحن الآن في مواجهة قوى متصارعة تسعى للانقضاض التوسعي الشرس، وتغيير سياسي ينتهج إقصاء السلطة السياسية وتحفيز القوى الأخرى، والتي تمثل عادة فئات مناهضة أو أقليات تطالب بالوجود على طاولة صناعة القرار أو الاستحواذ على السلطة. إيران من جانب، روسيا الحليفة لها، والتي تحاول إبراز عضلاتها بعد فترة كمون وغياب عن الساحة السياسية وفي ظل انكماش أميركي ملحوظ في الآونة الأخيرة، اسرائيل في جانب آخر تستكمل مسلسل فرط الشهية لتدمير الوجود العربي في المنطقة. كل هذه المهددات التي جعلت الخليج محاطًا بالخطر الذي يتمدد من لبنان حتى سوريا، ومن العراق إلى اليمن. أليس كافيا لأن تستعجل اليقظة الخليجية لضرورة التكاتف؟ التكاتف لا يعني إلغاء الرؤية السياسة لكل دولة، لكنها تجعل محاولة أي واحدة من الأخوات الست الاستقلال بقرار ما، قد يجلب الضرر على البقية. أمر غاية في الانحراف عن الحكمة المرتجاة للحفاظ على الأمن الوطني.
استحضر الآن حديث أبي هريرة الشهير: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبه في جداره». ثقافة التعاون الذي أسس لها الإسلام الأول، لا يفترض بنا نسيانها أو تسطيحها، أو عزوها للعاطفة وحسب. هي ثقافة واعية بما يسمى المصير المشترك، والذي كما قلت سلفا يفرضه الواقع الجغرافي والسياسي. وهذا لا يعني أن صناع القرار في الخليج في غياب عن هذا المفهوم، غير أن المرحلة الحرجة التي نعيشها اليوم، بحاجة للمزيد من التكاتف، المزيد من الاتحاد.. المزيد من اليقظة.

بقلم : كوثر الأربش
copy short url   نسخ
20/10/2016
4181