+ A
A -
يقول علي شريعتي:
‏الاكتفاء بالبكاء على الحسين.. هذا ما يتمناه طغاة اليوم!
علي شريعتي، المُفكّر المثير للجدل في حياته وموته، الفارسيّ العِرق الذي قفز عن عرقه، الشّيعيّ المذهب الذي رفضَ أن يتمذهب! فكان نصيبه أنّ الشّيعة رفضوه والسُّنة لم يقبلوه! وهو القائل: أنا عند السُّنة شيعيّ، وعند الشيعة سُنيّ، إن المُفكّر الحُرّ يصعب تصنيفه!
الدّين من ناحية الاستخدام البشريّ سلاحٌ ذو حدّين، فهو إمّا سبيل تحرر وانعتاق من كلّ قيد إلا قيد أوامر الله ونواهيه التي يختارها الإنسان طوعاً، كيوم عزل عمر بن الخطاب خالداً بن الوليد عن قيادة الجيش، فأخذ مكانه في المعركة جندياً عادياً بعد أن كان رئيس هيئة الأركان! وقال قولته المشهورة: أنا لا أُقاتل لأجل عمر وإنما لأجل ربّ عمر! ولقد كان يُسعد عمر أن يُقاتل النّاس لأجل ربّه لا لأجله! أو سبيل استعباد النّاس واسترقاقهم، حيث يتزوّج الدِّينُ السّلطة فيُنجبان الاستبداد المقدّس! كما حدث في مصر الفرعونية بين المعبد والقصر، وكما حدث في العصور الوسطى في أوروبا بين الملك والكنيسة!
الطّغاة على مرّ العصور لم يكن عندهم مشكلة مع الدين من حيث ما هي علاقة بين الفرد وربّه، لا أحد عنده مشكلة مع المساجد والحسينيات والكنائس ما دام الدين حبيساً فيها، مشكلتهم أن يخرج الدين إلى الحياة، أن يثور الشيعيّ على الظلم كما فعل الحُسين، ويُطالب السُّنيّ بحكم كحكم عُمر، ويُطالب المسيحي بالتورع عن استرقاق الشعوب الأخرى كما فعل المسيح!
تستطيع في أي مكان في الدنيا أن تشق جبهتك وتسيل دمك وأنتَ تندب الحُسين، لن يعترضك أحد، مشكلتهم أن تفهم الدرس من استشهاد الحُسين، أن تقف بوجه الطغاة كما وقف، وتثور على الظلم كما ثار، يريدونك أن تلطم على الذي وقف في وجه طاغية ثم ترسل ابنك ليموت دفاعاً عن طاغية!
تستطيع بأي مكان في الدنيا أن تتغنى بعدل عمر، ولا بأس أن تذكر أنّه جاع عام الرمادة مع النّاس ما دمتَ لا تسألهم عن قصورهم، ولكَ أن تذكر أنه كان يخاف أن تتعثر دابة عند شاطئ الفرات فيسأله الله لمَ لمْ تُصلح لها الطريق يا عمر؟! ما دمتَ لا تسألهم عن الزّفت في الشوارع! تستطيع أن تفتخر أنه هدم إمبراطورتي الرّوم وفارس ما دمتَ لا تسألهم لماذا تسكتون عما يفعل الروم والفرس في سوريا والعراق! وتستطيع أن تتغنى كيف أتى إلى بيت المقدس فاتحاً، يمشي وغلامه راكب وفي ثوبه ثماني عشرة رقعة ما دمتَ لا تسألهم ما تفعل الجيوش في ثكناتها وبيت المقدس أسير؟!
طُفْ بقبرٍ أو استغثْ بوليّ ميت، تُقام لك الحراسات! أخبر النّاس أنك لا تتحدث في السياسيات ولا في الخلافيات ولا في عيوب الأُمة، تُفتح لكَ المساجد، وتُمنح التأشيرات، وتطوف الأرض كالسندباد! ولكن جرّب أن تحاول أن تُخرج الدّين من المسجد إلى الحياة!
بقلم : أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
15/10/2016
3674