+ A
A -
يأمل عبدالإله بن كيران الأمين العام لحزب «العدالة والتنمية»، الذي كلفه العاهل المغربي الملك محمد السادس بتشكيل الحكومة المغربية الجديدة، أن يحقق ذلك في أقرب وقت.
بيد أن مهمة بن كيران لن تكون سهلة، بسبب طبيعة الخريطة السياسية التي أفرزتها انتخابات السابع من أكتوبر.
لا يتيح النظام الانتخابي في المغرب أن ينال أي حزب أغلبية مطلقة في مجلس النواب بسهولة، الذي يتكون من 395 عضواً، إذ من الصعوبة بمكان أن يستطيع أي حزب أن يحصل على قرابة مائتي مقعد. إذ أن الدوائر الانتخابية تضم ما بين مقعدين وخمسة مقاعد، وكل مرشح ينال ما يعادل 3 بالمائة من أصوات الذين شاركوا في الاقتراع يمكن أن ينافس في الحصول على مقعد، وكلما انخفض عدد المصوتين كانت حظوظ المرشحين الذين ينالون أصوات أقل أفضل.
بناء على هذه المعطيات فإن بن كيران الذي حصل حزبه (العدالة والتنمية) على 125 مقعداً يحتاج إلى قرابة 73 مقعداً حتى يضمن حصول حزبه على الأغلبية في مجلس النواب. وهو ما يعني أن العدالة والتنمية لابد أن يتحالف مع ثلاثة أحزاب على الأقل.
أعلن بن كيران إن مشاوراته ستبدأ أولاً مع أحزاب الائتلاف الحالي، والذي يضم «التجمع الوطني للأحرار» و«الحركة الشعبية» و«التقدم والاشتراكية».
هذا الافتراض يصطدم بعقبة تتمثل في أن «التجمع الوطني للأحرار»، وهو من أحزاب الموالاة التقليدية للقصر الملكي، كان قد ذهب بعيداً أثناء الحملة الانتخابية في توجيه انتقادات مريرة إلى بن كيران وحزب العدالة والتنمية.
الافتراض الثاني أن يحتفظ بن كيران بحزبي الحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية داخل التحالف الحكومي ويستعين بحزب ثالث من أحزاب المعارضة، وهنا تتحدث التكهنات عن «حزب الاستقلال»، لكن يتوقع في هذه الحالة أن تكون المفاوضات مع حزب الاستقلال حول الحقائب الوزارية شاقة وعسيرة، إذ أن طبيعة هذا الحزب في التفاوض صعبة للغاية.
أما الافتراض الثالث أن يتجه بن كيران نحو أحزاب المعارضة في مجلس النواب السابق وهي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي والاتحاد الدستوري للتحالف معها.
الثابت حتى الآن أن حزب التقدم والاشتراكية سيكون ضمن الائتلاف المقبل حيث أعلن بن كيران صراحة أنه سيكون ضمن التشكيلة الحكومية في جميع الأحوال. وهذه من مفارقات السياسة المغربية، أي أن يتمسك «الإسلاميون» بتحالفهم مع «الشيوعيين» إذ أن «التقدم والاشتراكية» كان في الأصل هو «الحزب الشيوعي المغربي» لكنه استبدل أسمه في ظروف خاصة خلال السبعينيات.
أما الافتراض الرابع، وهو الذي سيشكل بالفعل انعطافة حقيقية في المشهد السياسي المغربي، هو أن يتجه نحو غريمه السياسي الأساسي الآن على الساحة السياسية المغربية، أي «حزب الأصالة والمعاصرة» الذي حصل على 102 مقعداً وأحتل المرتبة الثانية بعد العدالة والتنمية.
قبل تعيين بن كيران رئيساً مرشحاً للحكومة المغربية الجديدة، أعلنت قيادة «الأصالة والمعاصرة» أن الحزب سيقف في المعارضة وأنه لن يتحالف قط مع «العدالة والتنمية». كما أن قيادة «العدالة والتنمية» قالوا إن التحالف مع «الأصالة والمعاصرة يعد بمثابة «خط أحمر».
بيد أن استمرار العداوات على الساحة الحزبية في المغرب ليس قاعدة، بل القاعدة أن «العداوات» في كثير من الأحيان تنقلب إلى تحالفات.
ومؤكد أن أي إشارة من القصر الملكي في اتجاه تشكيل حكومة تضم حزبين فقط لديهما أغلبية مريحة داخل مجلس النواب، ستمهد قطعاً الطريق نحو «التحالف» الذي يبدو بعيداً نظرياً.
ثمة قول شائع يردده المغاربة مؤداه «في المغرب لا تستغرب»، هذا القول سينطبق على أن يتجاور «العدالة والتنمية» مع «الأصالة والمعاصرة» في حكومة واحدة.
وهو افتراض لا يمكن استبعاده. كل شيء وارد.

بقلم : طلحة جبريل
copy short url   نسخ
15/10/2016
2814