+ A
A -
عبدالرحمن القحطاني

لم نصدم بنتائج الطلبة في الشهادة الثانوية بقدر صدمتنا بالتبرير الذي ساقه بيان المجلس الأعلى للتعليم لتدني النتائج في هذا العام وتضخمها في أعوام سابقة، فلن ندخل في كل ما ذكره البيان ولا ما تم تداوله حول مجريات الاختبارات وما شابها ولكن سنحرص على تناول ما جاء بنصوص صريحة رسمية في بيان المجلس، فقد أورد البيان بالنص:

«..أن التصحيح في السابق كان يتم بواسطة الشركة حيث تستخدم طريقة الدرجات القياسية في استخراج النتائج -وفق نماذج ومعادلات احصائية معينة - وهي طريقة تُضخم النتائج ولا تعكس الدرجات الحقيقية للطالب، أما هذا العام فتم التعامل مع الدرجات الخام (الحقيقية) لكل طالب وهو ما عكس مستواه الحقيقي»

وهنا يتبادر الى أذهاننا وضمائرنا:

هل هذا يعني أن نتائج جميع الطلاب الذين تخرجوا من الثانوية العامة على مدار السنوات الماضية والذين أصبح البعض منهم في مواقع العمل بعد أن أنهوا دراستهم في جامعات وطنية أو دولية هم نتاج درجات متضخمة وغير صحيحة؟

هل هذا يقودنا لاستنتاج هام وهو أن من يقود المجلس ويعمل في التقييم منذ أكثر من عام وما يزال على علم بهذا ارتضى بأن تكون هناك نتائج يمكن وصفها تلطيفا متضخمة؟

هل نصل الى أن كل الدفعات قبل هذه الدفعة وقد تم اعتمادها من وزراء تعليم سابقين وحاليين كانت غير حقيقية؟

والأهم، كيف سنثق بأنّ ما يتم الآن هو نظام صحيح يعكس الدرجات الحقيقية للطلاب ولن يخرج لنا بيان رسمي جديد من المجلس بعد عام ليقول لنا العكس؟ أو أن ما ذكره البيان هو ردة فعل تبريرية للنتيجة غير المرضية بكل حال من الأحوال؟ بمعنى آخر هل يمكن أن نثق بنتيجة هذا العام خاصة والكل كانت تصل إليه انباء التسريبات في اختبارات النقل؟

ألم يتضح للقائمين على صنع القرار مستوى الطلاب في التقييمين الأول والثاني وعُرف من خلالها مستوى الطلاب الحقيقي والذي عليه كان لزاما أن يتم توجيه المدارس ودعمها للعمل على معالجة الضعف وتكثيف الجهود؟

لم نفهم وجه المقارنة في أن الشركة كانت تستغرق ثلاثة أسابيع في انجاز النتيجة والمجلس أنجزها في أسبوعين فقط!!! مع أنه يفترض أن العملية الدقيقة التي لجأ لها المجلس تستغرق جهدا ووقتا اكثر خاصة إنه يقوم بها للمرة الاولى.

أما ما جاء حول الدراسة التي قامت بها جامعة قطر حول دفعتي 2012 -2103 «وهي من المقبولين في الجامعة، حول علاقة نتائج الشهادة الثانوية العامة بمدى استعداد الطلاب وقدرتهم على مواصلة التعليم الجامعي، إذ بيّنت الدراسة أن ما يقارب 66 % من الطلاب الذين اجتازوا الثانوية العامة بمعدلات تتراوح بين 80% - 90% يواجهون صعوبات في الاستمرار في الدراسة الجامعية، في حين أن ما يقارب 10% من الطلاب الذين اجتازوا الثانوية العامة بمعدلات تفوق الــ90% يواجهون بعض الصعوبات».

أولا: إنّ ربط نتائج الطلاب بطريقة حساب النتائج التي كانت تقوم بها الشركة هو ربط غير علمي ونسوا أو تناسوا أن طريقة تقييم الطلبة في الجامعة قد تختلف عن معايير ومناهج المواد في المرحلة الثانوية، واعتمادهم على دراسة قامت بها جامعة قطر أيضا ضمن دائرة التبرير لطرد أعداد ليست بالقليلة من الطلاب، وبالتالي استخدمت بها معايير خاصة بهم، وليست متناسبة مع مخرجات تعليم عام، ولماذا لم يشارك بها جامعات أخرى لديها طلاب من المدارس المستقلة؟.

ثانيا: دراسة جامعة قطر تتحدث عن عدم قدرة استمرار الطلبة في الجامعة (وفق دراستهم) أي أن الطلاب التحقوا بالجامعة ولكن لم يستطيعوا استكمال الدراسة أي أنه قد يكون أحد الأسباب المحتملة من الجامعة، فقد تكون المشكلة في الجامعة نفسها وعدم قدرة الجامعة على تطوير قدرات الطالب وجذبه إليها أو تقصير الجامعة في تنمية المهارات الأساسية التي يحتاجها الطالب ليتمكن من الاستمرار بالدراسة الجامعية وهذا ما يتم فعلا في جامعات أخرى.

ثالثا: لِما لم تركز الحلول على النظر في تطوير المهارات البحثية والأكاديمية التي يجب أن يمتلكها الطالب أثناء مرحلة ما قبل الجامعة حتى لا يصعب التحول بين المرحلتين، حيث ليس من المنطقي علاج المشكلة التي أشارت اليها الدراسة (لو أخذنا بصحتها) بطريقة تخفيض درجات الطلبة ليصبحوا هم في كل مرة ضحية لدراسات وأنظمة.

رابعاً: هل الدليل على أن النتائج قد ضخمت في السنوات السابقة هي هذه الدراسة والتي لا تصل بِنَا الى هذا الاستنتاج العقلي أو تصل بنا إلى العلاقة السببية بين مستوى الطلبة واختبارات الثانوية، بما يعني أن تغير حساب الاختبارات قد لا يحل المشكلة؟

إننا نناشد معالي الشيخ عبدالله بن ناصر رئيس المجلس الأعلى للتعليم ألا يكون مستقبل الثروة الحقيقية لوطننا ميداناً للتجارب والدراسات، وألا يكون هدف كل مسؤول تبرير الأخطاء وإلقاء اللوم على من سبقه، لا بد تكون هناك أدوات تشخيص واضحة وأن يتم وضع خطط وحلول ناجعة للسنوات المقبلة، بحيث يتم اعتمادها والسير عليها بغض النظر عن بقاء المسؤول في المنصب أو رحيله عنه، فليس هناك خطر أكبر من أن تصبح مدخرات قطر الشبابية عرضة للهدر وتقلب الأهواء.

لا يمكن أن يضيع أبناء قطر في الوقت الذي نسير فيه جميعا نحو تحقيق رؤية ترى ان المورد البشري هو الأهم و تسعى لبناء «نظام تعليمي يرقى إلى مستوى الأنظمة التعليمية المتميزة ويزود المواطنين بما يفي احتياجاتهم وحاجات المجتمع القطري..».

copy short url   نسخ
08/07/2015
4325