+ A
A -
رغم أن الأمم المتحدة تتوقع ارتفاع عدد البشر إلى عشرة مليارات نسمة عام 2050، تعاني بعض الدول من ثبات سكانها أو تراجعهم بشكل ملحوظ.. فمقابل الهند ومصر ونيجيريا التي وضعت برامج للحـد من النسل، هناك اليابان وسنغافورة وتايوان التي - على العكس- وضعت برامج لتشجيع الإنجاب وتربية المزيد من الأطفال..
ففي اليابان انخفض مستوى الإنجاب منذ الأربعينيات ووصل اليوم حداً ينذر بهبوط عدد السكان بمقدار 30 مليون نسمة (عام 2050). فمعدل الولادات وصل حاليا إلى (1.2) طفل لكل امرأة - وهو ما يعني أن كل زوجين يعوضان المجتمع بذرية أقل من توازن الأحياء مع الأموات.
وما يحدث في اليابان نموذج لحالة شيخوخة وتراجع سكاني تمر بها الدول الصناعية عموماً؛ ففي ألمانيا وإيطاليا وأسبانيا وروسيا ينخفض عدد السكان بالتدريج نتيجة لانخفاض معدل الولادات لأقل من 1.3 طفل لكل امرأة.. ولهذا السبب وضعت هذه الدول برامج معاكسة لتشجيع الإنجاب ورفع نسبة المواليد (على الأقل بما يغطي معدل الوفيات).. ففي عام 2014 مثلاً خصصت الحكومة اليابانية ثلاثين مليون دولار لإنتاج دعايات تليفزيونية تشجع الجنسين على اللقاء والتعارف -تمهيداً للزواج وإنجاب الأطفال..
ونفس المشكلة تلاحظ في تايوان وسنغافورة اللتين ترافق نموهما السريع مع انخفاض معدل الولادات.. ولتلافي هذه المشكلة وضعت برامج تضمن ترقية المرأة الحامل وأمرت شركاتها بتخصيص يوم في الشهر لالتقاء العازبين.. أما سنغافورة فأصبحت تدفع «علاوات إنجاب» ومنعت بناء شقق خاصة بالعزاب فقط (وبالتالي يعجز الشاب عن استئجار شقة كبيرة ما لم يملك زوجة تدفع معه الإيجار)!!
... وبرامج التحفيز هذه تعد لطيفة وراقية مقابل ما كان يحدث في أنظمة عسكرية وأيدلوجية سابقة.. فالنظام النازي في ألمانيا، والفاشي في إيطاليا، والماركسي في رومانيا، كانت تضغط على مواطنيها للزواج والانجاب في سن مبكرة - بل وتحارب النساء في رزقهم مقابل إنجاب المزيد من «الوطنيين الأبطال».
فتعريف العائلة في النظام النازي هـو «كل زوجين من العرق الآري (الأشقر) يملكان أربعة أطفال أو أكثر».. وكان يرفض تقديم امتيازات كثيرة للنساء العازبات ويرفض توظيف أي امرأة لا تملك أطفالاً بعد سن السادسة والعشرين.. وفي المقابل كانت المرأة العاملة في الجيش تنال ترقية عسكرية مع كل طفل جديد، وتحظي بامتيازات الجنود العاملين في الجبهة.. وفي عام 1942 قرر النظام النازي التخلص من ظاهرة العنوسة نهائيا فعرض على العازبات استضافتهن في مقار الحرس النازي (SS) لضمان حملهن بطريقة سرية.. وكريمة...!!
أما هذه الأيام؛ فمن الواضح أن العالم يتأرجح بين بلدان تعاني من فرط التناسل كالهند ونيجيريا ومصر ودول الخليج (حيث نصف المجتمع من الشباب) ودول تعاني من شح الولادات وقلة الأطفال مثل روسيا واليابان وتايوان ومعظم الدول الأوروبية (حيث يتراجع السكان ويتفوق الشيوخ على الفتيان)..
أما في السعودية فأعتقد أننا وصلنا هذه الأيام إلى رقم سيتحسن ضبط تناسلنا عنده.. فعددنا ارتفع بسرعة من ستة ملايين نسمة عام 1974 إلى 22 مليوناً هذه الأيام.. وفي حال استمررنا على نفس المنوال سنسير على خطى الشقيقة مصر التي لم يتجاوز عدد سكانها الـ3 ملايين نسمة زمن محمد علي، ثم ارتفع زمن عبدالناصر إلى 29 مليون نسمة، وتجاوز اليوم حاجز الـ90 مليوناً..
وحينها؛ لا تشتكوا من قلة الوظائف وتكدس الطلاب في المدارس.

فهد عامر الأحمدي :
copy short url   نسخ
08/10/2016
2360