+ A
A -
يعيش مخيم «عين الحلوة» الفلسطيني، وسكانه من لاجئي فلسطين، والواقع بالقرب من مدينة صيدا جنوب لبنان، حالة من القلق المُتزايد، نتيجة الانفلاتات الأمنية من حينٍ لآخر، وهي انفلاتات كلّفت وتُكلّف الناس أرواحهم وممتلكاتهم، حيث سَقَطَ العديد من الضحايا إثر تلك الحوادث التي وقعت خلال الفترة الماضية، وكان آخرها قبل فترة وجيزة، حين قتل شاب فلسطيني (خالد أبو غيدا) وهو من لاجئي مخيم اليرموك، ومن الذين فروا من الموت من سوريا، من مخيم اليرموك، ليُقتل ــ وللأسف ــ في مخيم عين الحلوة وجواره، نتيجة تلك الحالة الأمنية القلقة السائدة في منطقة عين الحلوة.
وبالطبع، فإن مَرَدُ تلك الحالة يعود لعدة أسباب، يقع على رأسها وجود مجموعات مُسلحة مُتعددة، تحمل عناوين مُختلفة داخل المخيم، ومنذ وقتٍ طويل، وقد حوّلت عين الحلوة ومحيطه إلى بؤرة أمنية من وجهة نظر الجهات الرسمية اللبنانية، وهي مجموعات غير فلسطينية بغالبيتها، وإن كان في عدادها بعض الفلسطينيين من أبناء مخيم عين الحلوة ومن خارج مخيم عين الحلوة، فضلاً عن ارتباطاتها وأجنداتها.
كما تأتي تلك الحالة، وتفاقمها، نتيجة سوء وقصور المُعالجات المطلوبة من قبل مُختلف الأطراف والجهات الفلسطينية المعنية، وعلى رأسها القوى الفلسطينية الأكثر حضوراً وتواجداً، حيث تتضارب التقديرات في كيفية معالجة الوضع القائم بين تلك القوى، بالرغم من وجود إجماع وطني فلسطيني على ضرورة تفكيك التوترات الأمنية، والتصدي لأي عملٍ يَضُرُ باستقرار الناس وحياتهم اليومية.
يضاف إلى العوامل السابقة، تواتر المعلومات التي تتحدث عن وجود حالة فتحاوية محسوبة على محمد دحلان تَعمَل على مد خيوطها داخل عموم التجمعات الفلسطينية في لبنان في مواجهة ومنافسة الحالة الفتحاوية الرسمية، وهو ما يستولد نشوء توتّرات أمنية مُستمرة.
إن القلق المُسيطر على أجواء الناس في مخيم عين الحلوة، وعموم التجمعات الفلسطينية في لبنان، يتأتى من غياب المعالجات الجدية المطلوبة والسريعة للتوترات الأمنية في مخيم عين الحلوة، أكبر التجمعات الفلسطينية في لبنان. كما تأتي الخشية من أن يُصبح مخيم عين الحلوة مخيم يرموك أخر بعد مأساة الأخير، حيث تحوّل من عاصمة للشتات الفلسطيني إلى مخيمٍ منكوب، باتت الغالبية الساحقة من مواطنيه ــــ نحو 300 ألف مواطن ــــ في نكبة ثانية، في ديار اللجوء الجديدة داخل سوريا وخارجها على امتداد أصقاع المعمورة.
إن إنقاذ مخيم عين الحلوة من السقوط، وتوفير الأمن والاستقرار لعموم التجمعات الفلسطينية فوق الأرض اللبنانية، مسألة لا تقبل التأجيل أو التقاعس، وهو ما يفترض بالجهات الرسمية الفلسطينية، والقوى الأساسية المتواجدة في لبنان كحركتي حماس وفتح والجبهة الشعبية والقيادة العامة ضرورة السعي لتفكيك مظاهر الحالة الأمنية السائدة، قبل أن يصبح عين الحلوة مخيم يرموك أخر، وقبل أن يصبح سيف التهجير مُصلتاً على ما تبقى من فلسطينيي لبنان في لبنان.

بقلم : علي بدوان
copy short url   نسخ
01/10/2016
1667