+ A
A -
إن الحياة الدراسية عبارة عن مجموعة من الصعاب والتحديات الجمة التي تواجه الإنسان عاما بعد عام ومرحلة بعد مرحلة، تكون كالجدار الكبير الذي يجهد الفرد نفسه على اجتيازه بالعلم والمعرفة والرغبة في إثبات الذات، وهنا نجد الكثير من الذين سبقهم ركب التعليم قد تقاعسوا عند أول اختبار أو حتى ثاني اختبار ولم يدفعهم طموحهم الباطن إلى مزيد من العطاء، كما نجد في الوقت ذاته الذين يواظبون على الاستذكار والسعي إلى النجاح الدائم ينسون كل لعراقيل والتحديات الصعبة لحظة إحراز النجاح ويبقون في حالة من الانتشاء التي لا توصف راغبين في المزيد والمزيد!
يوم أمس كرمتني إدارة جامعة قطر المتمثلة بكل من الدكتور حسن الدرهم رئيس جامعة قطر والدكتور سيف الحجري رئيس رابطة الخريجين وذلك في ملتقى الجامعة السنوي، حيث وفقني الله تعالى لنيل جائزة الخريج الشاب المتميز لعام 2016، الحمدلله رب العالمين أولا ودائما، وكل الشكر والثناء لكل الأساتذة الداعمين وصحبتي الطيبة، أسرتي المباشرة والكبيرة من الأخيار في كل مكان، للجميع أقول (جُزيتم الخير كله) أدواركم الجميلة في حياتي صنعت مني شخصا آخر، يشبهني كثيرا في أحلامي البريئة زمن الطفولة، شكرا لتآمركم معي على تحقيق تلك الأحلام كل يوم، وفي موقفي اليوم، وبمنتهى السعادة، أدعو الله أن يحقق لي ولكم كل رجاء ودعاء، وينبتها أمام مرأى العين كل يوم في واقع الحياة، لنسعد سويًا وتسعد بنا الحياة بكل أطيافها.
العظماء الأوائل شيدوا الدولة شبرا شبر في زمن لم تكن فيه الحياة رغدة كأيامنا هذه، لكنهم حفروا الصخر ونقشوا أحلامهم الكبيرة في واقع قطر، وبدئوا من اللبنة الأولى وتحدوا العراقيل، فلك يا عزيزي أن تتخيل أن هؤلاء لم تعلمهم المدارس ولم تخرجهم المعاهد ولا الجامعات، ولم تكرمهم البروتوكولات المليئة في حياتنا رغم جمالها، بل تعلموا بأنفسهم وواجهوا لوحدهم، وكرموا أنفسهم بأنفسهم، وبنو لنا رغد العيش، بيد أن حياتنا المفعمة بالتحديات تتطلب منا كل يوم أن نراهن على أنفسنا وأن ندفع الآخرين بالتالي للرهان علينا بغية التكريم وتحقيق الغايات الكبار، والمرء ربما يتوقف كثيرا عند جلال أي تكريم، فيتأخر كثيرا عن بذل العطاء في كل مسعى وكل خير فيوقف الزمن عند تاريخ تكريمه السابق، وأجد أن هذا أكبر تحد قد يقع فيه أي ناجح في الحياة، فالحياة لم ولن تتوقف في تلك اللحظة الرائعة من الزمن (لحظة التكريم)، فقد وجدنا جميعا «لإعمار «هذه الأرض، ومن أجل التكريم المتواصل لذاتنا أولا وللآخرين بشكل لاحق علينا علينا أن نعمل من اجل رد الجميل إلى الجميع ومن اجل غد أفضل لنا ولأبنائنا وأهلنا وامتنا، فجلال التكريم يُزهر دوما إذا تواصل عطاء المكرم في كل مجال، وإذا كان موقف التكريم المجتمعي له دافعا من أجل توجيه كل طاقته من أجل اثبات أنه أهل لها في كل موقف وكل مكان وتحت أي ظرف كان.
ان حياتنا وانجازاتنا مقدرة عند خالقنا البارئ سبحانه وتعالى ، ويبقى علينا السعي لإدراك أقصى ما كتب لنا من رزق هنيء، بالإضافة إلى الإلحاح في الدعاء علاوة على سلسلة ممتازة من الأمور التي يجب ان نأخذها بعين الاعتبار، منها تجنب إرادة الفشل فالمشكلة الأولى لدى الفاشلين لا تتمثل في إنهم لا يريدون لأنفسهم النجاح، وإنما تتمثل في إنهم لا يريدون لها الفشل، ان إرادة النجاح وإرادة الفشل: نقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان فإما ان تريد النجاح وألا فأنت تريد الفشل، لابد من إزالة العوائق قبل إقامة الدار، ولابد من إبعاد روح الفشل قبل تحقيق النجاح، إما يريد ا لله تعالى لك النجاح فلماذا أنت تريد لنفسك الفشل؟ فالباب المغلق له أكثر من مفتاح، ليس للنجاح وصفه واحدة بل له عشرات الوصفات ولعل بعضها يصلح لأناس ولا يصلح لآخرين، ولعل بعضها يكمل نواقص البعض فيحرزون النجاح بعد ذلك. المهم ان عليك ان تستمع إلى كل الوصفات وتعمل بما ينفعك منها، فكم من نصائح صغيرة صنعت رجالا كبارا؟ قال احد العلماء: أنا مدين في كل ما عندي، لنصيحة صغيرة أسداها إلى عابر سبيل!، وأتمنى في هذه الاشراقة الصباحية الأسبوعية ان يكون هذا المقال بمثابة دعوة عامة لي ولكم إلى تحقيق ما نصبوا إليه وتنفيذه إلى درجة الرضا من الانجاز والإحساس بطعم هذه النكهة العجيبة في معادلة النجاح التي تسهل كلما انقدنا إليها بنية حقيقية وإصرار وعزيمة، للتمتع دوما بجلال التكريم في رحلة الحياة الدنيا المليئة بالتحديات الممتعة.
كاتبة وباحثة أكاديمية

بقلم : خولة مرتضوي
copy short url   نسخ
30/09/2016
1721