+ A
A -


ابتسمت لرجل غريب حزين.. فتبدلت ملامحه بسرعة وبدا أن الابتسامة أسعدته.. وفي طريقه للمنزل تذكر المعروف السابق لأحد أصدقائه؛ فقام بكتابة خطاب شكر له، استلم الصديق الخطاب وشعر بالسرور وهو يعيد قراءة الرسالة مرة تلو الأخرى أثناء جلوسه في المطعم، حتى أنه ترك بقشيشاً كبيراً بعد انتهائه من الغداء، وفوجئت النادلة بمقدار المنحة التي حصلت عليها من رجل غريب.. ولم تصدق ما حدث، وفي اليوم التالي أخذت المال، وأعطت جزءاً منه لأحد الفقراء في الشارع، وكان الفقير في غاية الامتنان.. فهو لم يأكل شيئاً منذ يومين، وبعد أن أنهى عشاءه، قفل راجعا إلى غرفته المتواضعة، ولم يكن يعلم في تلك اللحظة أنه على وشك مواجهة قدره، وفي طريقه وجد كلباً صغيراً يرتعش، فأخذه إلى غرفته ليدفئه، وكان الكلب ممتناً جداً لإبعاده عن تلك العواصف، وفي تلك الليلة شبت النار في المنزل المتهالك الذي يقيم فيه عدد كبير من محدودي الدخل والمعوزين، فنبح الكلب تحذيراً.. وظل ينبح حتى أيقظ كل السكان، وأنقذ الجميع من الخطر، وأحد من الفتيان الذي أنقذهم كبر وصار رئيساً صالحاً.. وكل هذا بسبب ابتسامة بسيطة لم تكلف ولا سنتاً واحداً!!.. أي جمال وبعد نظر وفلسفة عميقة وتبصر في هذه الحكاية النثرية التي كتبتها طفلة أميركية تدعى «بربارا هوك» وذلك حين كانت في الثانية عشرة من عمرها فحسب، لقد عرفت بالفطرة السليمة أن اللطف سواء كان كلمة أو ابتسامة ستنتقل من شخص لآخر وستبدل يوم الكثيرين، وفي تراثنا القديم هناك حكاية عن طفل وجد سلحفاة وحملها بين يديه، فما كان منها إلا أن انكمشت وتحصنت خلف درعها السميكة، جرب الطفل كل وسائل الضغط ليخرجها من قوقعتها ولم يفلح، عندها تقدم والده نحوه وأخذ السلحفاة الصغيرة ووضعها قرب المدفئة، بعد قليل أخرجت رأسها بحذر، ثم أرجلها الصغيرة.. وبدا أنها تستمتع بالدفء، وعلق الأب قائلاً لطفله المبهور: «الناس يا بني كالسلحفاة، فلا تحاول قسر إنسان على فعل شيء، بل دفئه بعطفك وسوف يتعامل معك ومع الآخرين بطريقة أخرى.. إن أكبر أخطاء المرء تركه المجاملة، فإن كف لسان أحدهم عن قول ما هو طيب وجميل، كف أيضاً عن التفكير في ما هو طيب وجميل، ولم يعد في حياته ما هو طيب وجميل.
بقلم : وداد الكواري
copy short url   نسخ
28/09/2016
1074