+ A
A -
لاشك أن العلاقة بين أوروبا و الإسلام كانت متأزمة في كثير من الأحيان .. فالبعض يرجعها إلى الحروب الكولونيالية والبعض الآخر يرجعها إلى الحروب الصليبية أو إلى الحرب على الأندلس، فالمشكلة إذن ليست وليدة الموجات الجديدة للاجئين الذين فروا من بلادهم نتيجة إجرام أنظمة استبدت بشعوبها في ظل صمت مشين من الدول الغربية التي لم تستفق إلا حين رأت مئات الآلاف من اللاجئين يخترقون حدودها ... هذا الواقع الجديد زاد من نسبة المسلمين الموجودين في أوروبا إلا أن الهجرات العربية إلى أوروبا قديمة و روادها ليسوا دائماً من النخبة والصفوة على عكس الولايات المتحدة التي قصدها الكثير من الأطباء و المهندسين والمتعلمين بسبب نظام الهجرة الخاص بها... استقبلت أوروبا الكثير من الشباب العربي الطامح بظروف اقتصادية أفضل، و شكل الكثير من هؤلاء الشبان خاصة المهاجرين من دول المغرب العربي غيتوهات عاشوا بها بعد أن صدمهم واقع صعوبة العيش و الاندماج في بلاد الغرب، ولصعوبة إيجاد فرص العمل ووجود نظام ضمان اجتماعي في أوروبا لا يشجع على العمل كثيراً يبقى الفراغ واليأس سيد الموقف عند جزء كبير من المهاجرين. الأمر هذا دفع الكثير من المنظمات المتطرفة التي تقتات على مصائب الشعوب إلى استغلال الكثير من أفراد مجتمعات المهاجرين مستخدمين العداء القديم بين الغرب والإسلام من أجل تحشيد الأتباع و الأنصار ودفعهم للقيام بعمليات تخريبية داخل البلاد الأوروبية التي شهدت استقراراً نسبياً مع انتهاء الحرب العالمية الثانية و استقراراً أمتن مع انتهاء الحرب البادرة بسقوط الاتحاد السوفياتي ... اليوم تشهد أوروبا ازدياداً في النعرات اليمينية المعادية للمهاجرين والمسلمين منهم خاصة رغم أن العديد من المحللين السياسيين اعتبروا أن هذه الحركات كانت قد ذهبت بلا عودة . أما المهاجرون الجدد والذين قدموا إلى أوروبا التي تعاني أساساً من ارتفاع في نسبة البطالة فلم يتمكن الكثير من المهنيين منهم من إيجاد فرص عمل، ما زاد إمكانية التجنيد بين صفوفهم. لا شك أن هناك مراكز إسلامية عديدة في أوروبا تعمل على حماية القادمين الجدد من شر التنظيمات المتطرفة إلا أن واقع حرية النشاط السياسي في أوروبا يتيح أيضاً لكثير من المنظمات المتطرفة أن تعمل على إذكاء المشاعر المتطرفة ضمن صفوف القادمين الجدد... طرف آخر يلام على الواقع الإشكالي للمهاجرين الجدد و هو المجتمعات العربية القديمة التي تعيش في أوروبا على الأخص تلك التي سجلت نجاحات كبيرة اقتصادية و علمية فهي لم تعمل على تأسيس منظمات و مؤسسات كحال الأقليات الأخرى في أوروبا و التي كان من شأنها احتواء المهاجرين وتأمين فرص العمل لهم ومساعدتهم على الاندماج في المجتمع الجديد و مساعدة الحكومات الأوروبية على فهم ثقافة هؤلاء... رغم الواقع الصعب الذي يلقي بظلاله على حياة المسلم في أوروبا إلا أن لهجرة المسلمين بأعداد كبيرة الى أوروبا إيجابيات لا حصر لها و أولها تعريف المجتمع الأوربي على نماذج إيجابية من المسلمين الناجحين الذي برزوا علمياً و اقتصادياً في الغرب هذا غير الخبرات الهائلة التي يكتسبها المسلمون اليوم في دول متقدمة صناعياً وعلمياً، الأمر الذي سيعود بالنفع لاحقاً على بلدانهم الأم التي سيرجعون إليها يوماً فحتى لو تخطى المسلم كل عقبات اختلاف التراث و الثقافة في الغرب فلن يحل يوماً بلد اللجوء محل أرض الوطن .
بقلم : هديل عويس
copy short url   نسخ
26/09/2016
1435