+ A
A -
ليس بيد أحد منا أن يلغي أميركا من جدوله اليومي، فهي موجودة قسرا أو رغبة في تفاصيل الواقعة البشرية اليوم، وأكبر حادثتين وقعتا في العقود الأخير هما انهيار الاتحاد السوفياتي، ثم تغيرات المنطقة العربية، وستجد أميركا في لب هاتين الحادثتين، عنوانا وتفاصيل، ومثلهما أي حادثة أخرى في العالم، مثل حادثة استفتاء اسكتلندا في الانفصال عن بريطانيا، وفيها شارك باراك أوباما شخصيا بتغريدات في حسابه الشخصي في تويتر ينصح الأسكتلنديين بالبقاء داخل بريطانيا، ثم أتبعها بمشاركته الحامية وقت الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، موجها بالبقاء، وهذه نماذج لكل حدث بشري سياسي أو اقتصادي أو ثقافي، وهو ليس مطلبا لأميركا وحدها، بل هو أمر يتم طلبه باستمرار، وإذا لم تتدخل في أمر من الأمور جاءت الأصوات مطالبة بتدخلها، وإن لم تتدخل فعليا ولم يطلب منها التدخل فإن الظنون ستلاحقها بتهمة التدخل، مهما صغر الحدث أو نأى.
هنا تصبح أميركا نصا ملحميا، تراجيديا وكوميديا، يشترك البشر كلهم في كتابته وفي تصوره وفي التفاعل والانفعال معه، وتظل السيدة أميركا هي الكائن المحبوب المكروه، تحب تطورها وتكنولوجيتها وتقدمها المادي والثقافي وتعجب به، وفي الوقت ذاته تكره أبويتها المتسلطة التي تجعلها الوصي البشري على كل صغيرة وكبيرة، وإذا تخلت عن دور الأب الوصي تعالت الأصوات مطالبة إياها بالتدخل، وكأن كل مشكلة في الكون لا تقوم إلا بأميركا، صانعة لها، ومسؤولة عن حلها، حتى ليأتيك تصور خبيث يقول لك: ماذا لو مسحت أميركا من الوجود.. هل سنخترع أميركا أخرى تلعب الأدوار نفسها...!!!!
• نص مقدمة كتابي عن أميركا «السيدة أميركا، قراءة في وجه أميركا الثقافي» في طبعته الثالثة، وستصدر في نهاية 2016 بحول الله.

بقلم : عبدالله الغذامي
copy short url   نسخ
24/09/2016
2885