+ A
A -

كل يوم تأتينا مفاجأة من سوريا.. بلاد اللاحلول واللاتسويات، هل سمعتم في حياتكم عن هدنة يشتغلون عليها منذ سنين، وتسقط خلال دقائق؟ نظام بشار الأسد ربما يكون الأتفه في التاريخ، فكيف يعقل أن يعلن الجيش السوري دون سابق إنذار، موت الهدنة ثم يرسل طائراته الحربية لدك مساكن حلب عشوائيا مما أدى إلى قتل 32 مدنيا حسب إحصائية أولية فجر أمس، ولقصف 18 شاحنة غذاء ضخمة مخصصة للفقراء المعدمين الذين انتجتهم سياسة سفاح دمشق؟!
الروس أخذوا على حين غرة فاضطروا لمجاراة بشار والادعاء بأن انتهاك المعارضة 200 مرة للهدنة دفع جيش دمشق لتوجيه طعنة الموت لاتفاق وقف إطلاق النار. أما الأميركيون قد تصرفوا بشكل آخر وأرسلوا طائراتهم وقاذفاتهم لتدمير معسكر للجيش الأسدي قرب مطار دير الزور مما أسفر عن 62 قتيلا و100 جريح في أول هجوم من نوعه تشنه واشنطن ضد قوات بشار، ليس بطريق الخطأ كما زعم البعض ولكن لأن الأميركيين كفروا بأخطاء الأسد وجنونه بالأحرى، وشنه عشرات العمليات الجوية خلال السريان المفترض للهدنة السخيفة.
بعد ذلك حل التطاحن الإعلامي بين الروس الذين استهجنوا هجوم الطائرات الأميركية على مواقع النظام، والأميركيين الذين حملوا الأسد مسؤولية شن العملية الأميركية الموجعة ضده، لأنه يصر على انتهاك وقف النار على مدى الأربع والعشرين ساعة.
وخرج ضابط روسي كبير في رئاسة الأركان إلى الصحافة ليعلن أن واشنطن وفصائل المعارضة لم تنفذ أي بند من بنود اتفاق جنيف الأخير حول الهدنة في سوريا. والغريب في الأمر أن قضية الفصل بين المجموعات الإرهابية وغير الإرهابية ما زال منذ أربع سنوات مسيطرا على المشهد، حيث اتهم الروس رسميا الولايات المتحدة بعدم الفصل بين جبهة فتح الشام (النصرة) والمعارضة الأخرى المعتدلة. وأضاف الروس: «وبدلا من ذلك شهدنا انصهار فصائل المعارضة المعتدلة وجبهة النصرة في بوتقة واحدة وتحضيرهما معا لهجمات مشتركة»!
ما حذرنا منه حدث، فالنصرة الأقوى بين جميع الجبهات والمجموعات المقاتلة في سوريا، منصهرة الآن مع الجيش الحر، والسبب في ذلك كله غباء دمشق ومعها موسكو، في اعتبار كل من قاوم النظام بالسلاح إرهابيا، وهذا أمر لا يجوز إطلاقا لأن كل الشعب السوري حمل السلاح ضد النظام، ولأن كل إرهابيي العالم جاءوا هم أيضا للقضاء على بشار أحد أسوأ طغاة التاريخ منذ مطلع الفتح الروماني.
موسكو حاولت تبرير مسلك دمشق عندما أعلنت انهيار الهدنة، وكيري قال إن على الروس أن يتعاملوا بجدية مع بشار لإرغام حكومته على التقيد بوقف النار.. وكيري على حق هذه المرة.
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
21/09/2016
1230