+ A
A -


تَزاحُم المبادرات الدولية والإقليمية المطروحة على الجبهة الفلسطينية «الإسرائيلية» لايعني بأن الأمور تسير على سكة ايجابية وتُبشّر بالخير القادم وعلى قاعدة في «الحركة بركة»، كما لايعني بأن الاستعصاءات التي عطّلت مسارات التفاوض بين الفلسطينيين و«الإسرائيليين» خلال سنواتٍ طويلة من عمر العملية السياسية التفاوضية ستجد طريقها نحو الحل..
المبادرة الفرنسية تتصدر أخر حزمة من تلك المبادرات المطروحة، حيث أكّدَ وزير الخارجية الفرنسيجان مارك ايرولت أن باريس «لن تتخلى عن خطتها لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي» وأنها «ستبذل كل جهد مستطاع من أجل عقد مؤتمر السلام الدولي المخطط له بمشاركة جميع الأطراف المعنية قبل نهاية العام الحالي للوصول إلى حل الدولتين».
تصريحات الوزير الفرنسي وتأكيده على «حل الدولتين» تأتي بالرغم من كل التقديرات التي تقول بأن حل الدولتين بات على مهب الريح بعد كل الوقائع والمُتغيرات الديمغرافية التي فرضتها سلطات الإحتلال على أرض الواقع، وهي المُتغيرات التي دَفَعَت نحو تأكل واهتراء «حل الدولتين»، عدا عن تَشَنُج ائتلاف حكومة نتانياهو ورفض غالبية كُتلها وأحزابها لموضوعة «حل الدولتين» قولاً وعملاً، وإصرار كل الكُتل السياسية في «إسرائيل» على مسألة «يهودية الدولة». إضافة لفقدان العامل الأهم والمُتمثل بغياب الضغط الدولي الحقيقي على «إسرائيل» لدفعها لوقف عمليات التهويد والاستيطان والقبول بالشرعية الدولية وحل الدولتين.
المبادرة المصرية التي أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في خطابه الشهر قبل فترة، تأتي وكأنها تُغرد خارج السرب تماماً، حيث لاتلحظ بدورها الوقائع من جهة، والحالة «الإسرائيلية» الداخلية الرافضة لها أصلاً من جهة ثانية، وهي الحالة غير المُستعدة للتجاوب لامعها ولامع غيرها من المبادرات، حتى مع المبادرة الفرنسية التي مازالت تتحفظ عليها حكومة نتانياهو وبشكلٍ صريح لالُبس فيه.
أما مبادرة موسكو، الغارقةفي آتون الملف السوري المُعقّد، فهي أيضاً تأتي كصراخٍ مُرتفع في برية مُمتدة أو في الصحراء الإفريقية الكبرى، وقد زاد على تهميشها والتقليل من شانها قول رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتانياهو، بأنه «لم يتخذ بعد قراراً بالمشاركة في الاجتماع الذي تسعى روسيا إلى عقده، بمشاركته مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في موسكو».
من الواضح أن السلطة الوطنية الفلسطينية، وفي ظل الفراغ السياسي المُحيط بالقضية الفلسطينية، مع تَبَدُّل الأولويات الدولية والإقليمية في المنطقة، وانشغال العالم بملفاتٍ بَدَت هي الأهم في المرحلة الراهنة، تبدو وكأنها مُضطرة للترحيب بكل مُبادرة أو اقتراح مطروح من أي طرفٍ كان. فالسلطة الوطنية الفلسطينية رحّبت ومازالت تُرحّب بـالمبادرة الفرنسية أملاً بانعقاد مؤتمر دولي حتى ولو كان شكلياً أو زائفاً، وتُرحّب بـالمبادرة المصرية، كما تُرحّب بـالمبادرة الروسية لعقد لقاء بين نتانياهو والرئيس محمود عباس، لقاء عمل يُمهّد لاستئناف المفاوضات المباشرة. وتًعتَبِر أن كل هذه المبادرات تخدم الهدف نفسه.
وعليه، على الفلسطينيين أن يُشاغلوا الفراغ السياسي الحاليدون ارتهان، وهو الفراغ الناجم عن انشداد العالم والإقليم نحو ملفاتٍ ساخنة باتت تمتلك أولويات تتقدم على القضية الفلسطينية.
بقلم : علي بدوان
copy short url   نسخ
10/09/2016
1391