+ A
A -
تتميز مقاطعة «نوفاسكوشيا» إحدى المقاطعات الكندية الأربع المطلة على الأطلسي بغاباتها الكثيفة، ووديانها الخصيبة، حيث تترامى فيها المزارع، وتفيض الثروة الحيوانية في هاتيك البقاع.. وقد رعت الحكومتان: الفيدرالية والإقليمية هذه الثروات النباتية والزراعية والحيوانية، فوضعت القوانين واللوائح الملزمة لحمايتها، والحفاظ عليها، ومنها تخصيص مساعدات مادية للمزارعين، تغنيهم عن اللجوء إلى المواد غير العضوية في علف بهائمهم، والتركيز على تنمية الحشائش والعلف والأسمدة الطبيعية، محافظةً على البيئة من جهةٍ، وضماناً لجودة المستَهلَك من جهةٍ أخرى..
وفي المناطق الزراعية وبخاصةٍ منطقة الريف المسماة بالفالي THE VALLEY يبدأ موسم القطاف كل عامٍ من منتصف شهر يونيو حتى نهاية أكتوبر فيما يُسمّى U-PICK، إذ يُسمح للمواطنين والجمهور بالدخول إلى المزارع لقطف ما يحتاجونه من ثمارٍ، مقابل أسعارٍ زهيدة، تقل عن أسعار السوق، وهذه الثمار تتراوح ما بين خضارٍ متنوع، وفواكه، تبدأ بالفراولة والكرز، والخوخ، وتنتهي بالتفاح والكمثرى، وورق العنب.
في الأسبوع الماضي، كانت لي زيارة لمحميةٍ زراعيةٍ كبيرةٍ، تنتج بعض الخضار والفواكه، ويديرها «جيسوس»، وهو شابٌّ مكسيكيٌّ، أصبح أليفاً لنا، إذ إننا من رواد محميته كل عامٍ، وهي مفتوحةٌ للجمهور من الساعة التاسعة صباحاً إلى الخامسة بعد العصر.. كنا، وأسرة صديقة في المزرعة المحمية، وحان وقت إقفالها في وجه الجمهور، ونحن لم نستكمل قطافنا، سألت جيسوس:
-هل نواصل القطاف، أم ننهي مهمتنا؟ أجاب:
- بإمكانكم البقاء، لكن كم علبةً تريدون؟
- أربعة لكل أسرة..
طلب ثمن العُلب الكرتونية، وتركنا في المحمية الكبيرة، دون أن يساوره شكٌّ في أمانتنا..
تأملت هذه الثقة التي يوليها رجلٌ لا يعرف الزبائن حق المعرفة، احترمته، والأهم: أنني احترمت إنسانيتي في مجتمعٍ لا يفترض الغشَّ والخداع في التعامل..
جيسوس، أيها العامل المكسيكي البسيط: كم أنت كبير!!

بقلم : حسن شكري فلفل
copy short url   نسخ
09/09/2016
2009