+ A
A -


مجنون ليلى
** حدّث شيخ من بني مُرة قال: خرجت إلى أرض بني عامر لألقى المجنون، فـدللت عـلى محلته فأتيتها، فإذا أبوه شيخ كبير، وإخوة له رجال، فسألتهم عـنه وقال الشيخ: والله لهو كان آثر في نفسي من هؤلاء وأحبّهم إليّ، وإنه هوي امرأة، والله ما كانت تطمع في مثله، فـلما أن فـشا أمره وأمرها كره أبوها أن يزوجها منه بعد ظهور الخبر فـزوجها من غـيره، فـذهـب عـقل ابني ولحقه خبل وهام في الفيافي وجـداً عـليها، فحبسناه وقـيدناه، فجعل يعـض لسانه وشفـتيه حتى خفنا أن يقطعها فخلينا سبيله فهو يهيم في الفيافي مع الوحوش، يُذهب إليه كل يوم بطعامه فـيوضع له حيث يراه، فإذا تنحوا عـنه جاء فأكل منه.
قال: فسألتهم أن يدلوني عـليه، فـدلوني عـلى فـتى من الحي كان صديقا له، وقالوا: إنه لا يأنس إلا به، ولا يأخذ أشعاره منه غـيره، فأتيته فسألته أن يدلني عـليه، قال: إنه إن نفر منك نفر مني فـيذه شعـره فأبيت إلاّ أن يدلني عـليه، فقال لي: اطلبه في هـذه الصحاري فادن مستأنسا ولا تُره أنك تهابه، فإنه يتهددك ويتوعـدك أن يرميك بشيء، فلا يروعـنّك واجلس صارفا بصرك عـنه والحظه أحيانا، فإذا رأيته قـد سكن من نفاره فأنشده شعـرا غـزلا، فخـرجت فطلبته يومي إلى العـصر، فوجدته جالسا عـلى رمل قـد خط فـيه بإصبعه خطوطا، فـدنوت منه غـير منقبض، فـنفـر مني نفور الوحش من الإنس، وإلى جانبه أحجار فـتناول حجرا فأعـرضت عـنه، فـمكث ساعة كأنه نافـر يريد القـيام، فلما طال جلوسي سكن وأقـبل يخط بإصبعه، فأقـبلت عـليه وأنشدته شعـراً غـزلاً لقيس بن ذريح، فـبكى فأنشد من شعـره في ليلى، ولم أزل أتبادل معه الأشعار وهو يبكي، فسنحت له ظبية فـوثب يعـدو خلفها حتى غاب عـني.. وانصرفـت، وعُـدت من غـد فطلبته فلم أجـده، وجاءت امرأة كانت تصنع له طعامه إلى الطعام فوجدته بحاله، فلما كان اليوم الثالث غـدوتُ وجاء أهله معي فطلبناه يوما فلم نجده، وغـدونا في اليوم الرابع نستقـري أثره حتى وجدناه في واد كثير الحجارة وهو ميت بين تلك الحجارة.
الأغاني- بتصرف
بقلم : سلطان بن محمد
copy short url   نسخ
07/09/2016
2316