+ A
A -
أخبرني صديق قبل فترة عن ورطة وقع فيها مؤخراً عندما وقع عقداً لاستئجار شقة ليكتشف لاحقا أن ثمة كثيراً من الشروط المجحفة التي لم يكن ليوافق عليها لو انه قرأ العقد بتمعن.. ذكرني هذا بما حدث معي قبل سنوات عندما أدركت أن التوقيع على «العمياني» عندما يتعلق الأمر بالعقود التي نتداولها بشكل تلقائي باعتبارها من المسلمات كعقود الإيجار أو الاشتراك في خدمات معينة هو أكبر خطأ يمكن للإنسان أن يرتكبه، لأنك لا تعرف متى يصبح هذا العقد الذي ترميه بين أوراقك الأخرى دون أن تلقي له بالاً مصدر صداع وإزعاج.
فعندما يتعلق الأمر بالعقود يتوجب على المرء «فصفصة» كل الشروط والفقرات الواردة فيها وقراءاتها بتمعن بل والطلب من الطرف الآخر أن يمهلك فترة لدراستها قبل أن تشخبط توقيعك وتمضي دون أن تدرك أنك فتحت على نفسك باباً قد يكون من العسير إغلاقه لاحقاً.
قبل عدة سنوات أبلغت المكتب العقاري الذي كنت استأجر منه شقة صغيرة أنني لا أرغب في تجديد عقد الإيجار الذي انتهى فعليا لرغبتي في الانتقال إلى شقة اخرى في مكان اخر، المسؤولون عن المكتب العقاري بعد أن أبدوا أسفهم علي وحملوني الدعوات بالتوفيق فيما هو قادم من الأيام، ابلغوني انه يتوجب علي أن أقوم بعمل صيانة شاملة للشقة التي لا تعاني من اية عيوب جوهرية والتي تركتها كما أخذتها تقريبا باستثناء ما تقادم من طلاء وأدوات صحية بفعل الاستهلاك الطبيعي.
بطبيعة الحال تعجبت من هذا الطلب الغريب الذي لم أسمع مثله سابقا وأخبرت القائمين على المكتب أن بوسعهم التوجه إلى البحر وتبليطه إذا ما رغبوا في ذلك فأنا لن ادفع ريالاً واحداً في الشقة التي تركتها في حالة جيدة كي يتمكن المكتب العقاري من تأجيرها إلى شخص آخر بسعر جيد، فكان الرد على شكل سؤال بسيط.. يا استاذ هو انت بصيت في العقد؟
بصراحة حتى تلك اللحظة لم أكن قد (بصصت) فيه ولو من باب الفضول، لكنني أصبت بالذهول لاحقا وأنا أتصفح أوراقه الأربع وما تحمله من مصائد وألغام، فالعقد كان يقول إن المكتب العقاري ليس مسؤولاً عن أية أعمال صيانة مهما كانت طوال فترة اقامة المستأجر الذي يتوجب عليه كما تقول فقرة أخرى ان يجري صيانة لكل ما يرى المكتب العقاري وجوب صيانته قبل مغادرة الشقة.
بعد يوم من الانتظار اتصل بي أحد الموظفين في المكتب وأخبرني أن المطلوب مني دفع نحو 4 آلاف ريال لكي أتخلص من براثنهم وأحصل على شيكات الضمان الخاصة بي.. وإذا لم يكن ذلك كافيا فإن فترة الصيانة ستحسب ضمن فترة الايجار حتى لو استغرقت أسبوعين أو ثلاثة وهو شرط آخر لا علاقة له بقانون الإيجار.. أمام هذا الوضع وجدت نفسي مجبراً على الدخول معهم في مفاوضات انتهت إلى خصم جزء من هذا المبلغ وتركي وشأني.
أعزائي المستأجرين.. اقرؤوا عقودكم 20 ألف مرة قبل التوقيع عليها.

بقلم : لؤي قدومي
copy short url   نسخ
07/09/2016
2399