+ A
A -
تَنَاقَلت بعض الصحف الخليجية في عام 2013م خبَرًا مفاده أن «الحوادث المرورية تكبِّد دول الخليج العربي 19 مليار دولار سنوياً، أي ما يعادل نسبته 3.7 بالمائة من إجمالي الخسائر العالمية». وبالنظر في فحوى الخبر يُصدم القارئ من الخسائر التي تتحملها دول الخليج العربي جراء الحوادث المرورية، إضافةً إلى الأرقام المهولة لأعداد الضحايا نتيجةً لتلك الحوادث الوحشية. ما يؤسف له أن أغلب تلك الحوادث تقع بسبب أخطاء بشريّة، كالسرعة الزائدة واستخدام الهواتف النقالة أو حالات السكر وتعاطي المخدرات.. إلخ.

أدرج موقع المركز الإحصائي لدول الخليج العربي تحت بند «الحوادث المرورية»، أرقامًا ذات طابع مأساوي، إذ بلغ مجموع الحوادث المرورية 919.869 حادثًا مروريًّا لعام 2013م فقط، مما يعني أننا أصبحنا على شفا حرفٍ من الوصول إلى مليون حادث مروري. وليس في الموقع إحصائية مُحدّثة لنتأكد ما إذا كُنا خلال العامين المنصرمين قد تجاوزنا فعليًّا هذا العدد الضخم، والذي يعد بحد ذاته مُصيبة تؤرق مضاجع المسؤولين والعارفين بها.

القضية مرتبطة بنقطتين رئيسيتين: الأداة أو الوسيلة وتمثلها السيارة أو الدراجة النارية أو الباص أو الشاحنة.. إلخ، والسائق والذي هو بطبيعة الحال إنسان. وبالرغم من أن الاستخدام الشائع والمتعارف عليه أن حضرة السيارة سُخرّت للمواصلات، ولنضع تحت كلمة المواصلات خطوطا عريضة، كما أن وسائل المواصلات صُنعت من أجل الوصول إلى نقطة المُبتغى بجانب تقليص الوقت والجهد.. إلخ. لكنها وبتحصيل حاصل تحوّلت إلى أداة قتل ودمار، وأيضًا، إنْ قل أو كَثُر، أعباء صحية، وهلاك في الجسد، وخسائر مالية، سواءٌ لسائقها أو ما يُصادفها من أرواح أو لوائح إرشادية أو إناراتِ الشوارع؟! فهل وُجدت هذه الأداة للانتحار؟! أم للقتل!؟ أم للانتقام؟! أم هي فعليًّا وسيلة سُخّرت للمواصلات؟! فالإحصائيات المخيبة للآمال تدعونا لمزيدٍ من التّفكر والتقصّي والتحقيق؛ لمعرفة الهدف الرئيس من وجود هذه الوسائل في ظل تزايد الحوادث، وما يترتب عليها، وكأننا في حرب، يجب أن توصف بأنها حقيقية وليست مبالغًا فيها، أو ضمن سلسلة أفلام الرعب؟ إذ حتى الرؤوس التي «ما أينعت» صارت تُقطف أو حَان قِطافُها.

ولو وَضَعَتْ الجهات المعنية إحصائية عن أعداد اليتامى والأرامل والمشلولين نتيجة الحوادث، لفُجع المجتمع من هول الاكتئاب الذي تُعاني منه بعض الأسر نتيجة الصدمة النفسية لما آل إليه عزيزٌ عليهم. والعجيب أن بعض الشباب الطائشين هداهم الله أصبحوا «زبائن» سجون، لكثرة ترددهم على مراكز الشرطة بسبب الحوادث التي تسببوا فيها، سواء بالدهس أو التخريب في الممتلكات العامة. ولو كانوا ممن رُفع عنهم القلم، فيجب أن تتم محاسبتهم برفع رخصة القيادة (الليسن) ؛ لرفع الأذى عنهم وعن غيرهم من بابٍ أولى.

الحقيقة المرّة أن شوارع دول الخليج العربي تزدهر أسفًا بعدد لا بأس به من الصور الرادعة والموبخة والمؤثرة في نفس الوقت، ولكن! الحوادث تزيد وتزيد وتزيد، وكذلك اللوحات الإرشادية منظمة وواضحة، والقوانين إلى حد ما كافية، والرإدارات، بجانب الشرطة بين كيلو متر وآخر. ثم ماذا بعد؟!

أما بعد،،، فهذا الإنسان الذي كرمه الله بالعقل، هو أولى أن يَفهم، ويتأمل، وأن يُحب نفسه، قبل أن تُزهَق روحه أو يُزْهِق أرواح الآخرين، أو ينام طريْحَ الفراش في المستشفيات كنصفِ حيِّ وميّت، أو يودّع سيارته العزيزة أو يصبح بين يديّ القضبان التي لن تنفعه معها آهات وحسرات، أو العيش في دوامة الندامة بعد ثوانٍ معدودات من ارتكاب مصيبة الحادث والذي هو جُرمٌ عظيم و(مسخرة) كبيرة (يتبهدل) فيها. والسلام.



بقلم : زهرة بنت سعيد القايدي

copy short url   نسخ
23/04/2016
1978