+ A
A -
بسبب ازدياد أعداد السيارات، وازدياد ضغوطات الحياة، صارت شوارعنا في مختلف دول مجلس التعاون ممتلئة بالأخطاء الناتجة عن الزحام وعن فقدان الأعصاب، وصار طبيعيا أن يخرج أحدهم على الآخر فجأة فيتسبب في توريطه في حادث إن لم يكن منتبها ويمتلك مهارات جيدة للإفلات من هكذا مواقف، وصار طبيعيا أيضا أن يشعرك أحد قائدي السيارات من حولك أنه متضايق منك بسبب بطئك أو سرعتك أو خروجك عليه بشكل مفاجئ، ولم يعد غريبا أن ترى أحدهم وهو «يتحلطم» وربما يهز يده متوعدا أو يخرج رأسه من النافذة ويقول كلاما قد يكون بذيئا. ولأن مواقف كهذه يمكن أن تؤدي إلى مشادات وتلاسن وقد تنتهي بالمشاجرات خصوصا مع قليلي الصبر والمستشارين بطبيعتهم وأولئك الأكثر تعرضا لضغوطات الحياة لذا فإن الحل يكون في نشر ثقافة الاعتذار التي يفترض أساسا أن يتحلى بها كل سائق.
ولكن، كيف يتاح للسائق المخطئ أن يوصل اعتذاره إلى السائق الآخر أو السائقين في الشارع خصوصا أنهم لن يسمعوه وربما لا يرون يده وهو يلوح بها معتذرا؟ السائد حتى الآن في شوارعنا هو أن من أخطأ في حق الآخر أو الآخرين وأقر في اللحظة أنه هو المخطئ يقوم بتشغيل ال»دبل سكنير» فيفهم الآخرون أنه معترف بخطئه ويعتذر. وبالتأكيد لا يقوم بهذا الفعل إلا البعض الذي تحكمه أخلاقه العالية ويعرف الأصول ويعرف أن حركة كهذه التي لا تكلفه شيئا من شأنها أن تهدئ الآخرين وترضيهم وتهدئه هو نفسه وترضيه.
لكن موضوعا كهذا ينبغي أن يكون باعثا على التفكير في طرق أخرى يفهمها الجميع تحقق هذا الغرض. من ذلك على سبيل المثال تزويد السيارات بأيقونات على شكل وجه يبتسم أو يعبر عن الأسف يراها الآخرون قد برزت في لحظة معينة في السيارة التي ارتكب سائقها الخطأ. مثل هذه الحركة من شأنها أن تشيع جوا من الألفة والتسامح وتهدئ النفوس في تلك اللحظة التي يكون فيها كل ذوي العلاقة منفعلين وعلى استعداد لارتكاب حماقات، إلا من رحم ربي.
أفكار كثيرة يمكن أن يبدعها شبابنا وخصوصا الملتحقون منهم بالجامعات ومن اكتسبوا خبرات حياتية جيدة تسهم في حل كثير من المشكلات المجتمعية كهذه المشكلة التي يتوفر منها يوميا في شوارعنا الكثير ويمكن أن ينتج عنها حماقات غير متوقعة، ففي ساعات الزحام يفقد الكثيرون أعصابهم خصوصا إن كانوا واقعين تحت ضغوط حياتية ثقيلة، يزيدها ما يجري في المنطقة من أحداث تجعل فكر الواحد منا مشغولا جل وقته بأمور كثيرة تحول بينه وبين التركيز المطلوب منه في الشارع.
القصة ليست في هذا الأمر تحديدا ولكنها تنبيه بأن أخلاقنا الخليجية التي نفاخر بها صارت في خطر ولعلها تتأثر بشكل غير متوقع مع استمرار الأحداث في المنطقة واستمرار الزحام، ففي مثل هذه الظروف تكون الأخلاق التي تربينا عليها ونربي عليها أبناءنا في خطر يزيده قلة عددنا وتواجد الأجانب بكثرة بيننا.

بقلم : فريد أحمد حسن
copy short url   نسخ
06/09/2016
2436