+ A
A -
أحدثت الزيارة المفاجئة التي قام بها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الامارات رئيس مجلس الوزراء، لعدد من الدوائر الحكومية في دبي حالة من الصدمة!
سبب الصدمة ليس لأن الزيارة مفاجئة ولكن لأنها كانت في الصباح الباكر وبالتالي كشفت عن حالات تغيب كثيرة ومن هنا كانت الصدمة الحقيقية.
هذا الواقع الوظيفي لا ينطبق على إمارة دبي ولكن هو سمة غالبة في الخليج بشكل عام، باعتبارنا جزءا من منظومة العمل الحكومي الذي لا يختلف عن اقرانه ضمن معادلة رياضية مفادها:
(عدد موظفين كبير وانجاز صغير) + (وقت عمل قليل وتذمر كثير) = ترهل وظيفي
ومن لا يصدق عليه مقارنة ذلك بالقطاع الخاص. ولهذا من يقول لك إن المواطن يهرب من القطاع الخاص لعدم شعوره بالأمان الوظيفي فهي كذبة كذبناها وللأسف صدقناها.
الشاهد من هذا كله انه بعد الزيارة الصادمة تم إحالة عدد من القيادات في دبي إلى التقاعد وإحلال قيادات شابة بما يتوافق مع الرؤية الجديدة للعمل الحكومي.
ما حدث هو ناقوس خطر يخبرنا بأن الوظيفة الحكومية لم تعد وظيفة مصباح علاء الدين التي تحقق لك كل الأمنيات بمجرد أن تدعك المصباح. لأن المجتمعات الخليجية ما زلت ترى الوظيفة حقا أصيلا للمواطن، بل هي استحقاق واجب على الدولة بعيداً عن فكرة التنافس، والكفاءة، والاحقية، ولي شواهد كثيرة، والكل يعلمها ولكن للأسف مرة ثانية لا نريد ان نواجه هذه الحقيقة.
إن واقع العمل الحكومي يكشف عن حالة من الترهل الذي وصل لحد الركب وما عاد ينفع معه الشد! بل يحتاج لعملية قص!! قد تكون نتائجها مؤلمة في لحظتها ولكن على المدى البعيد سوف تحقق المراد وسيعود العمل الحكومي ممشوق القوام وقادرا على منافسة القطاع الخاص.
قد يصعب على البعض تقبل هذه الحقيقة. وإن كنت لا أعممها لوجود موظفين حكوميين أكفاء، ومُلهمين، وقادة، ولكن حديثنا عن البعض قل أو كثر الذين بحاجة لدورات في الالهام الوظيفي، وهذا لا علاقة له بـالممثلة (الهام شاهين) لأن الأمر ليس تأدية دور الموظف على خشبة مسرح الحكومة. ولكن بأن تكون أنت البطل.
ففي حين تجد بالقطاع الخاص الموظف الشامل، تجد بالقطاع الحكومي موظفا تقتصر وظيفته على استلام المعاملات، وموظفا ثانيا يسجل البيانات، وثالثا يطبعها، ورابعا يراجعها، وخامسا يعتمدها، وسادسا، وسابعا، إلى أن نصل للموظف الأخير الذي يسلم المعاملة ومع ذلك لا تسلم من الخطأ. طبعاً هذا غير الموظفين الذين لا تعلم عنهم شيئا سوى انهم زملاؤك في ملفات الموظفين.
لذلك فالأمر يستدعي تدخلا عاجلا للتخلص من هذا الترهل. ولا شك أن الموظف الحكومي سوف ينفي كل التهم حول مسؤوليته عن التخمة التي وصل اليها القطاع الحكومي لأنه أصبح جزءا من هذا الواقع، وقد يكون هذا الأمر صحيحا، إلا أنه يجب على كل موظف أن يرفع من اللياقة البدنية للقطاع الحكومي.
إن ترك الجسد الحكومي لمصيره سيعرضه في يوم ما إلى سكتة قلبية، بسبب كثرة الشحوم. وأقول هذا بكل تجرد وأنا على اعتاب التقاعد فليس هدفي جاها أو مالا، ولكن أتمنى رؤية هذا القطاع مصدر جذب ليس لسهولة التكسب منه، ولكن لما يوفره من بيئة مبدعة ينافس بها القطاع الخاص في مهنيته، وليس ببركة دعاء الوالدين.

بقلم : ماجد الجبارة
copy short url   نسخ
01/09/2016
3024