+ A
A -
لعل أشهر قصة حب لصحفي في القرن التاسع عشر هي قصة الشيخ الازهري «علي يوسف» صاحب جريدة المؤيد، إذ أحب ابنة أحد مشايخ الطريقة الصوفية، وتقدم لخطبتها عدة مرات دون ان يحصل على رد مقنع، وبعد اربع سنوات من الانتظار عقد قرانه عليها برضاها ودون علم والدها، ونشرت الصحف الخبر، وقامت القيامة ولم تقعد، إذ جن جنون والدها ورفع قضية في المحكمة الشرعية مطالبا بابطال الزواج، لعدم التكافؤ في النسب والمال والحرفة. ووقف محامي والد الفتاة في المحكمة وهو يردد بقوة أن حرفة الصحافة من أحقر الحرف.. ودخل قاض يدعى «ابو خطوة» التاريخ بعد ان أصدر حكما بفسخ الزواج، استنادا لعدة أمور، أهمها وضاعة المهنة التي يحترفها الزوج.. أفتى جمال الدين الافغاني بأنه يجوز للمسلم أن «يتعاطى» الصحافة، وسبب هذه الفتوى ان احد المسلمين البسطاء سأله ما إذا كان يجوز للمسلم أن يعمل في مجال الصحافة وان يمارس الكتابة، ولم يكن هذا السؤال الا ترديدا لما كان عليه رأي أكثر الناس في ذلك الوقت، تماما كنظرتهم إلى من يحترف الفن- التمثيل والرسم والغناء، وبالاخص نظرة المشتغلين بأمور الدين.. نظرة كلها تحقير وازدراء، وحدث ذات مرة أن كان الافغاني يحاور عالما من علماء الشام يدعى الشيخ «حسين الجسر» في أحد المقاهي، وكان هذا الشيخ يكتب في جريدة اسمها «طرابلس» باسم مستعار، وعندما احتد النقاش علا صوت الافغاني مذكرا الشيخ برأي ذكره في مقالة ما، فما كان من الشيخ الا ان ارتبك وطلب منه ان يخفض صوته خشية ان يعرف أحد انه يكتب في الصحف فتقل مكانته وتضعف هيبته، ولم يجد الافغاني بدا بعد هذا التصريح من ان يدافع عن أصحاب القلم بقوله: «لماذا أنت خائف؟ ومم انت خائف؟ إنني أكتب في الصحف.. وجميع الناس حكاما ومحكومين يعرفون أنني أصدرت صحفا في مصر، وكتبت فيها مقالات عديدة، وأصدرت في باريس مجلة «العروة الوثقى» التي اطلع عليها المسلمون في شتى بقاع العالم» وبالرغم من الشجاعة التي ابداها الافغاني في الدفاع عن هذه المهنة ومن يشتغل بها فإنه كتب متخفيا في عدة صحف تحت اسم مظهر بن وضاح.. خلاصة القول إنه لا سفاهة في المهن...إنما السفاهة في الاشخاص.

بقلم : وداد الكواري
copy short url   نسخ
31/08/2016
1485