+ A
A -
ليست هناك مغانم حتى يتم توزيعها.. ولكن هناك عملية لصق للزجاج المتناثر وإعادته كوباً صالحاً للاستعمال. هذا هو ما يجري في سوريا بمشاركة تركيا ونظام بشار الأسد والعراق وإيران وروسيا. لن نُدرج الذي يحدث في خانة المفاجآت، ذلك أن الدول تبدل مواقفها ودروبها، كما يغير الثري سيارته وبدلاته.
فمن كان يتصور أن تتفاهم أنقرة والنظام السوري على صفقة عنوانها «حلب لدمشق، والكيان الكردي إلى المقصلة التركية»؟ ورغم أن ملامح التراضي التركي- السوري غير المسبوق لم تتضح بصورتها النهائية، فإن البلدين على مشارف اتفاق سيقلب المشهد السوري رأساً على عقب، بعد أن استضافت بغداد الخميس الفائت لقاء فريداً ضم مسؤولي أمن واستخبارات أتراك وسوريين وعراقيين رفيعي المستوى، ركزوا مداولاتهم خلاله على تصفية حزب العمال الكردستاني الذي يمثل العدو رقم واحد لرجب طيب أردوغان.
وفيما تكشفت أسرار على صلة بالصفقة الجاري طبخها، ومن بينها استجابة أنقرة لنصيحة روسية- إيرانية بإعلام دمشق بتفاصيل حملتها العسكرية التي طهرت جرابلس من الدواعش والأكراد، وافق اجتماع بغداد على فتح صفحة من التعاون المشترك واستعادة التنسيق الأمني بمقتضى «اتفاق أضنة» الذي تقر فيه دمشق بضرورة منع حزب العمال الكردستاني من إقامة قواعد له في شمال سوريا.
ولم توافق تركيا فقط على الاعتراف بتبعية حلب لسوريا، بل خطت نحو فصل المعارضة المعتدلة عن تلك المتطرفة، مما يعني سحب آلاف المقاتلين المعادين لبشار الأسد من جبهات حلب وإدلب بشكل خاص، وما يترتب على ذلك من تجميد نشاط عشرات المجموعات التي ينضوي أولئك المقاتلون تحت ألويتها.
وفضلاً عن ذلك سارعت أنقرة إلى إبلاغ دمشق بعملية «درع الفرات» والمستمرة والمتصاعدة، لإجبار المقاتلين الأكراد على الانسحاب غرب الفرات، والخروج تماماً من هناك، خاصة من منبج وجرابلس.
غير أن الصفقة السورية التي يتشارك اللاعبون الرئيسيون في صياغتها، تتعرض لتساؤلات تتعلق بتجاهل المؤتمرين دعوة الولايات المتحدة إلى الطاولة التي يعتقد الأميركيون أن أردوغان هو الذي ضغط لاستثنائها من الاسهام في رسم مستقبل سوريا.
لكن المراقبين يستبعدون أن تصل الأمور إلى هذا الحد من تقليل الشأن الأميركي، رغم أن واشنطن المنزعجة من التقارب التركي- الإيراني- الروسي، أوعزت لأجهزتها بالتوقف عن تزويد أنقرة بمعلومات عسكرية وأمنية حول سوريا، وإلى طائراتها بالتوقف عن قصف المتمردين الأكراد.
الأرجح أن تتحقق في الساعات المقبلة خطوات تأخذ في الحسبان دور واشنطن التي ليس من مصلحتها الخروج عن إجماع اللاعبين الآخرين، على إنجاز الصفقة التركية- السورية المتوقعة والتي قد تشجع الأطراف الفاعلة على السعي الحثيث لإحلال سلام تدريجي مستدام في القُطر السوري.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
31/08/2016
1032