+ A
A -
تسود روح العنصرية بشكلٍ فاقع على عضوية ومناخات الكنيست الإسرائيلي العشرين الحالي حيث لم يَسبق أن وصلت تركيبة الكنيست إلى الشكل الذي نَشهَدَهُ الآن، حيث سطوة وسيطرة أصوات اليمين واليمين المُتطرف، وغلاة الصهاينة من أصحاب نظرية النقاء العرقي والـ DNA اليهودي، وتراجع أصوات مايُمكن أن نُطلق عليهم بــ «الحمائم».
إن اللحظة التي يتحوّل فيها العنف والقمع ضد الفلسطينيين داخل «إسرائيل» إلى قيمة أخلاقية عند الكثير من النواب «الإسرائيليين» في الكنيست، هي نفسها اللحظة التي يتم فيها توديع عملية السلام الموهوم، ودعوات التعايش الكاذب بين المواطنين العرب أصحاب الوطن الأصليين داخل حدود العام 1948 وجمهور اليهود. فالمُجْتَمَع اليهودي الصُّهيوني بغالبيته في نهاية المطاف هو مُجْتَمَعُ مُسْتَوْطِنين يستفيد جميعهم من احتلال فلسطين، ولذلك لا يوجد دعاة سلامٍ حقيقي ومتوازن في مُجتمع المستوطنين (أمّا القلة فلا يُقاسُ عَلَيها).
لنأخذ مثالاً صارخاً، فعضو الكنيست (عنات بركو) من حزب الليكود هي من أكثرهم تطرفاً، وهي أصلاً «مختصة بالشرق الأوسط وتجيد اللغة العربية»، كانت قد اقترحت في فترات سابقة فحص النواب في الكنيست، وتقصد بالطبع النواب العرب عند دخولهم مبنى الكنيست «حفاظاً على حياة قادة الدولة» على حد تعبيرها. هكذا اقترحت هذه المجنونة والمشحونة بالتطرف والجو العنصري والعدواني، وصاحبة نظرية القتل «ديجيتالياً بواسطة صواريخ اف ??» على قطاع غزة، باستخدام طائرات دون طيار.
إن تركيبة الكنيست الحالي، فَرَضَت على الأعضاء العرب الستة عشر، التعاطي بطريقة مُغايرة مع حقيقة الواقع داخل أروقة الكنيست «الإسرائيلي» العشرين، وبالتالي في إدارة الصراع مع المشروع الصهيوني، وبين قوانين اللعبة البرلمانية نفسها. فمنهم ــ أي من الأعضاء العرب في الكنيست ــ من يرى أن هنالك إمكانية لبناء «حوار» مع كل أعضاء الكنيست بمن فيهم الغلاة، ومنهم من يرى صعوبة إدارة الحوار مع الجميع.
إن حقيقة الأمور على أرض الواقع، تقول بأن العمل في الكنيست لاينجح بالحوار فقط مع الطرف «الإسرائيلي الصهيوني»، فالحوار لايجري هنا بين «طرفين متوازيين ومتكافئين»، حوار حضاري يقوم على القدرة المهنية ويقود نحو التفاهم. «الحوار» هنا بين القامع والمقموع داخل الكنيست على حد تعبير النائبة العربية حنين الزعبي، فيما المطلوب حوار أخر يأتي كجزء من عملية بناء موازين جديدة تبنى بالنضال وبوسائل سلمية «غير حوارية»، في العمل الجماهيري في مواجهة سياسات الإحتلال، فليس من مسؤولية الضحية تقديم نفسها كشريك مُريح، كما أن توفير «الأجواء الهادئة» للقامع هو نقيض المسؤولية الأخلاقية والسياسية الملقاة على كاهل النواب العرب».
إن حقائق الأمور باتت تقول بأن العمل البرلماني العربي في الكنيست يتزاوج مع العمل على الأرض، ولايُمكن أن تنفصل عراه عن العمل الميداني اليومي للنواب العرب بين الناس في مواجهة سياسات الإحتلال، تماماً كما حَدَثَ مؤخراً في قرية العراقيب البدوية في منطقة النقب عندما تقدم النواب العرب صفوف الناس في مواجهة بلدوزرات الإحتلال من أجل منع تدمير القرية وتهديمها وطرد مواطنيها وتشريدهم، وتم لهم ذلك حيث فشلت سلطات الإحتلال بتدمير القرية للمرة المائة.
وبالنتيجة، لامجال أمام النواب العرب في الكنيست «الإسرائيلي» للفصل بين البرلمان والميدان، أي بين البرلمان والصراع مع سياسات «إسرائيل» تجاه المواطنين العرب وعموم الفلسطينيين، للتخلص من قواعد اللعبة البرلمانية الخاضعة للإملاءات «الإسرائيلية».
بقلم : علي بدوان
copy short url   نسخ
26/08/2016
1644