+ A
A -
من فكر بإنشاء أكاديمية أسباير لم يكن يبحث عن انتصارات سريعة ولا آنية بل كان يفكر للبعيد البعيد، كان يفكر ببناء رياضة بلده بالطريق الصحيح حتى لو استغرق ذلك وقتا طويلا، لهذا كان شعار أسباير «اليوم حلم وغداً نجم».
وهو ما تحقق فجر الأربعاء بأول ميدالية فضية أولمبية في تاريخ قطر عبر الرائع معتز برشم في الوثب العالي ومن شدة ثقتنا بقدرات برشم زعل البعض منا على أنها لم تكن ذهبية والرجل قادر بإذن الله على أكثر من لقب عالمي وهو صاحب أفضل ثاني رقم في التاريخ في هذه اللعبة.
برشم الذي حاورته على الهواء قبيل ساعات من رفعه العلم القطري في حفل التتويج بدأ حياته في نادي الريان وعمره 11 سنة ثم انتقل لأكاديمية أسباير عام 2007 وفيها تدرب وصقل موهبته حتى عام 2009 وحتى نعرف معنى وحجم فضية معتز برشم يجب أن ننظر إلى لائحة الميداليات والدول التي شاركت في الأولمبياد وسنجد دولا تعداد سكانها يفوق المليار نسمة أحرزت برونزية يتيمة فيما سبقت قطر في الترتيب 17 دولة أحرزت ميداليات منها المكسيك والبرتغال والهند ومصر وفنلندا والنرويج وبلغاريا والإمارات والمغرب ومولدوفا وأستونيا والدومينيكان والنمسا وفنزويلا والنرويج وكلها دول لها باع كبير في الرياضة ولديها قواعد شعبية كبيرة وتاريخ عريق في بعض الألعاب.
صناعة النجم ليست أمرا سهلا وبنفس الوقت ليست أمرا مستحيلا ولكنه أمر يتطلب تضافر عوامل كثيرة منها أولا الموهبة أو الخامة ومن ثم إيجاد هذه الخامة لأن لدينا آلاف الموهوبين الذين لا يتم اكتشافهم ومن بعدها رعاية هذه الموهبة وصقلها في المدارس والأكاديميات وتحت إشراف جهازين تدريبي وطبي متناغمين ويكفي أنني في لقاء مع معتز برشم دام أكثر من 7 ساعات قبل أشهر من الأولمبياد كنا نتحدث عن كيف ينظم غذاءه وأنه يتمنى مثلا أن يأكل قطعة حلو من يد والدته وهو لا يستطيع ذلك إلا في أيام محددة في السنة علما أنه معظم السنة في معسكرات تدريبية وللعلم أكثر فإن برشم سيشارك في بطولات في بولندا وسويسرا وبلجيكا مباشرة بعد الأولمبياد فحياة البطل ليست مثل حياتنا وصناعة البطل هي أصعب صناعة في العالم وقطر نجحت فيها بامتياز.
درس أسباير ونتيجة برشم يجب أن نبني عليهما فما تم زرعه قبل سنوات طويلة حصدناه فضة ويمكن أن نحصده ذهبا وألقابا عالمية، فسباح واحد مثل مايكل فيلبس أحرز 28 ميدالية أولمبية منها 23 ذهبية وهو كنز ومنجم من ذهب يفوق كل الألعاب الجماعية مجتمعة.
ولو دققنا النظر في أبنائنا ومدارسنا وملاعبنا وحاراتنا فسنجد مناجم كامنة من الذهب ونتمنى على الأهالي أن يدفعوا بأبنائهم لممارسة الرياضة وأن يقتنعوا أن البطل الرياضي مثله مثل الطبيب والمهندس وأستاذ الجامعة وأحيانا قد يتفوق عليهم جميعا ليصبح رمزا من رموز وطنه.

بقلم : مصطفى الآغا
copy short url   نسخ
21/08/2016
3270