+ A
A -
نجحت قوات المقاومة السورية بقيادة جيش فتح الشام والمجموعات المرتبطة به في فك الحصار عن مدينة حلب وهي تقود اليوم معركة تحرير شاملة لكامل المحافظة. هذا الانتصار يأتي بعد حادثين اثنين يتمثل الأول في فشل الانقلاب التركي ونجاة رجب طيب أردوغان من محاولة انقلاب نفذها الكيان الموازي المرتبط بفتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة وهي محاولة أسفرت عن سقوط قتلى من المدنيين والعسكريين. أما الحدث الثاني فيتمثل في إعلان انفصال «جبهة النصرة» عن «القاعدة» للتخلص من تهمة الإرهاب وتدشين ما سمّي بتنظيم «فتح الشام».
الثابت الأول هو أن معطيات كثيرة وكثيرة جدا قد تغييب عن المحلل والقارئ والمراقب بما هي معطيات استخبارية دقيقة وحساسة لكن الثابت الآخر قد يتلخص في معطيات استقرائية واستدلالية عديدة منها:
أولا: لا يمكن للمقاومة السورية أن تحقق هذا النصر اللافت والمدوّي دون الحصول على أسلحة جديدة ونوعية ساعدت في حسم المعركة وخاصة مدافع «التاو» والقذائف المضادة للدروع والدبابات وهي أسلحة ساهمت في ترجيح كفة المعركة لصالحها.
ثانيا: نجحت أطياف المقاومة السورية في تحقيق قدر كاف من الوحدة ونبذ خلافاتها المُهلكة التي مكّنت النظام من تحقيق انتصارات كبيرة في الآونة الأخيرة بما فيها إحكام السيطرة على حلب ومحاصرتها.
ثالثا: نجحت الأطراف السياسية الراعية للملف السوري في تحقيق تقدم ولو بسيط في عزل النظام والقوات المتحالفة معه خاصة بعد فشل الانقلاب التركي.
أما رابع المعطيات فيتمثل في عجز القوات النظامية والجماعات المتحالفة معها عن انهاء المعركة وحسم الحرب رغم كل الامكانيات المرصودة دوليا ورغم مشاركة قوى عظمى مثل روسيا.
لاشك حسب جميع هذه المعطيات وغيرها أن تحولا نوعيا في مسار الثورات العربية هو بصدد الحدوث لأن الملف السوري بما هو آخر محطات الربيع العربي وأخطرها يعرف اتجاها نحو الانفراج بعد ما يفوق نصف عقد من الصراع الدامي ومن المجازر بسبب قمع النظام لخروج السوريين مطالبين بالحرية وبنهاية الاستبداد.
مؤشرات كثيرة تؤكد أنّ الثورات المضادة آخذة في الانحدار والتراجع وأنها أنهت أكبر خزاناتها سواء في سوريا وليبيا عسكريا أو في مصر اقتصاديا أو في تونس سياسيا.
فقوى الدولة العميقة في هذه الدول لا تستطيع الذهاب إلى أبعد مما ذهبت إليه من محاولة وأد الثورات والحد من تمددها ومنعها من بلوغ المدى وتحقيق الأهداف التي تريد ان تصل إليها.
لكن من ناحية أخرى هل لا تزال قوى الثورة في المنطقة العربية وخاصة في مجال الربيع العربي تملك نفس الطاقات وما يكفي منها لقلب الموازين وترجيح كفة الثورات مرة أخرى؟ هل ستقول الثورة كلمتها الأخيرة في قادم الأيام؟
لن يكون الجواب سهلا لكن المعركة لا تزال متواصلة وما دامت شروط الثورة لا تزال قائمة فإن مطلب الحرية والعدالة الاجتماعية اللذين رفعتهما ثورات العرب سيتجدد دوما إلى حدّ استيفاء شروط إنجازه.

بقلم : محمد هنيد
copy short url   نسخ
11/08/2016
2007