+ A
A -
قبل ولادة الهواتف المحمولة كان أفراد الأسرة جميعهم يعرفون أن ابنهم خرج مع صديقه فلان، الذي هو ابن علان الذي يعمل في هذه المهنة أو تلك والمعروف عنه التزامه الديني وأخلاقه العالية، وأنه ابن علانة المعروفة في الحي بكذا وكذا والتي تنتمي إلى العائلة الفلانية المعروف عنها كذا وكذا من الأمور الطيبة، ويعرفون أن ابنهم خرج إلى المكان الفلاني في الساعة الفلانية وأنه سيعود في وقت يعرفونه جيدا، فيكونون مطمئنين بأنهم لن يفاجأوا بأي أمر كتورطه في مشكلة ما مع شخص ما في مكان ما أو قيامه بسلوك خارج يسيء إليهم وإلى نفسه وربما لوطنه.
اليوم لم يعد أغلب الآباء والأمهات يعرفون أين ذهب ابنهم ومع من خرج وفي أي ساعة ترك المنزل وفي أي ساعة سيعود، ولا يعرفون شيئا عن سلوك صديق ابنهم، بل لا يعرفونه وربما لا يعرفون اسمه. اليوم لم يعد صديق ابنهم يطرق باب البيت وينتظر من يفتح له ويسأله ماذا يريد وأين سيذهب مع ابنهم أو يسأله ابن من هو. اليوم يتصل ذاك «الصديق» بابنهم أو يرسل إليه رنة أو رسالة عبر «الواتساب» ملخصها أنه ينتظره في الخارج أو أن عليه أن يخرج بعد بضع دقائق، فيخرج حتى من دون أن يراه أهله ومن دون أن يعرفوا مع من خرج.
هذه مسألة ينبغي أن يلتفت إليها من قبل المعنيين بالأحوال الأسرية والمجتمعية، دون أن يعني هذا العمل تقييد الأبناء وسحب الثقة منهم، فالأمر لا يتجاوز توفير حالة من الاطمئنان لأولياء الأمور بمعرفة ما يلزم عن صديق ابنهم ومستوى العلاقة معه ومدى تأثيره عليه والأماكن التي يمكن أن يأخذها إليه.
عندما لا يعرف الوالدان شيئا عن تحرك ابنهما وأصدقائه وسلوكه وسلوكهم فإن هذا يعتبر تقصيرا منهما تجاه ابنهما الذي لو حدث له مكروه لتساءل الجميع على الفور عن دور والديه وكيف أنهما لم يعرفا حتى مع من يذهب ويجيء وكيف يخرج من دون أن يعرفا وقت خروجه.
الحديث هنا عن الأبناء الذكور بوجه خاص وفي مرحلة المراهقة تحديدا، حيث لا يزال أولياء الأمور في مجتمعاتنا الخليجية يحرصون على معرفة تحرك بناتهم وسلوكهن فيدققون في مسألة العلاقة التي تربطهن مع صديقاتهن ليطمئنوا ويشعروا أنهم عملوا على حمايتهن، باستثناء البعض الذي ربما يعتبر هذا الأمر «تدخلا» غير محبذ في حياة بناته ويؤثر على الثقة الممنوحة لهن أو كان مغرما بالشعارات التي ترفع عن حقوق الإنسان وما إلى ذلك، حيث غالبية الأسر الخليجية تحرص على معرفة تحركات بناتها وسلوكهن.
الأكيد أنه لا يعتبر تدخلا من الأسرة في حياة الأبناء الذكور مراقبتهم وسؤالهم عن تحركهم وكيفية العلاقة مع من اختاروهم أصدقاء، خصوصا في هذا الزمن الأغبر الذي يوفر الكثير من الأمثلة عن مصير الأبناء لو لم يلتفت آباؤهم وأمهاتهم إلى مثل هذا الأمر الذي هو من واجبهم ومسؤوليتهم.

بقلم : فريد أحمد حسن
copy short url   نسخ
09/08/2016
2553