+ A
A -
قد يحدث أن تُحب من النظرة الأولى، لكنك لا تمنح الثقة في البدايات، هكذا مجانًا. الثقة بناء هندسي ذكي، ومُبرر. لا يسعك أن تربطه بالحب، الحب يتسم بالغموض وغياب المنطقية. سؤال من قبيل: لماذا تحب؟ سؤال عالق بلا جواب، الحب لا يُفسر، لكن الثقة ليست كذلك. يخطئ الكثيرون حين يربطون الحب بالثقة. ويشتكي الكثيرون من فقد الثقة أو انعدامها من قبل الآباء أو المدراء أو الأزواج. وبالنتيجة إذا ضاقت مساحة الثقة، ضاقت تبعاً لها مساحة الحرية. ومن منا يمكنه العيش في الأقفاص وتحت الحصار؟ إذا رغبت بالمزيد من الحرية فعليك فقط أن تكسب الثقة. وقبل كل هذا عليك فقط أن تعيد فهمك للحرية. ليس بمفهوم بعض النخب التي بهرجت الفوضى وغلفتها وروجتها للمراهقين تحت عنوان الحرية. ليست الحرية المطلقة التي تضرب بالأنظمة والقيم والالتزام عرض الحائط. حتى خلايا الجسد، والأجرام السماوية وحركة دمائنا في الأوردة، كل شيء يسير وفق نظام دقيق. وأنت جزء من هذا النظام. لا يسعك أن تفعل بجسدك ما تشاء تحت بند الحرية، أعني أن تركض في الشارع عاريًا مثلاً، أو تحقن وريدك بمادة مخدرة، أو ترهق أعصابك بالسهر المتواصل. هذه ليست حرية بقدر ما هي ضياع.
وقتك، صحتك، عقلك، قلبك كلها أشياؤك الخاصة، لكنها أيضا جزء من منظومة المجتمع وبالتالي جزء من البشرية. إرباكك للنظام لن يضر بك وحدك بل سيجر وراءه المزيد من السقوط والإرباك للبيئة المحيطة. صغيرًا كنت أو كبيراً، رجلا أو امرأة، مسؤوليتك الحفاظ على نظام ما، في البيت أو المدرسة أو المكتب أو حتى على الطريق.
ماذا يريد والدك؟ مديرك؟ أستاذك؟ زوجك؟ حتى يمنحوك المزيد من الحرية؟ حتى يتوقفوا عن القلق المربك، والأسئلة المحرجة وأحيانا القسوة والتقييد؟ فقط هبهم المزيد من الانضباط. وقبل هذا لابد أن تتصالح مع القوانين والأنظمة وتعيد فهمك للالتزام.
ماذا ستكسب إن نمتَ مبكرا؟ ماذا ستخسر حين تهمل دراستك؟ لا تقل حياتي وأنا حر بها. هذه العبارة تحمل من الجهل ما سوف يأخذك للدمار.
ما تريده والدتك هو أن تكون بخير. قل لها أنك بخير.. وتمتع بالثقة..
KOWTHERMUSA@

بقلم : كوثر الأربش
copy short url   نسخ
04/08/2016
2986