+ A
A -
هل من الممكن أن تتخيل ولو لوهلة، أن تتحول وسيلة تواصل اجتماعي مثل برنامج «السناب شات»، إلى مدرسة تعليمية ينتهل منها المتابعون الكثير من المعلومات الثقافية والفكرية؟، هل تتوقع من الممكن أن يصل الحال بثقافتنا إلى أن تكون بمثل هذا الاضمحلال والسقوط في الهاوية؟، لتتحول عدد من السنابات التي يلقيها البعض من المشاهير الذين يملكون الآلاف من المتابعين، إلى تقديس أفكارهم والتأكيد عليها، بل وحتى من وجهة نظر المتابعين تبدو أكثر منطقية، وأحياناً يتجاوز تأثيرها منهجية أهم الكتب التي تنام في المكتبات، وهي تحلم بأن تمتد إليها أيدي المراهقين والمراهقات، من دون التأكد من أصل المعلومة أو من أين استسقاها المتحدث.
«السناب شات» برنامج يفتح شهيتك للإدمان عليه، لأن تنشغل به عن عالمك الشخصي والخاص بك، لتتحول إلى شخص «لصوصي» يمتهن متعة التلصص على معرفة عوالم جيرانه وأقاربه، وصولاً حتى إلى حياة رئيسه وزملائه في العمل، يتمكن المتلصصون من معرفة كل صغيرة وكبيرة عبر متابعة أحد أبناء أصدقائه أو أقاربه، فيعرف أحياناً كل صغيرة وكبيرة في البيت أو عبر تفاصيل حياتهم، فقط من خلال الصور التي تُلتقط، ومقاطع الفيديو التي تبث في التو واللحظة، دون الحاجة إلى مونتاج أو مونتير سريع البديهة، إذ إن كل ما تصوره يبث عبر جهازك ليذهب إلى جميع من يتابعك، لكنه لا يمكن أن يكون بديلاً لتكوين ثقافتك، لا يمكن أن يحل محل الكتب، أو محل البرامج الوثائقية التي تصور العديد من الحكايات والمعلومات التي تحتاج إليها، لا يمكن أن يكون برنامج «السناب شات» مصدراً للثقافة الفكرية، أو منهجاً للتبصر نحو الحياة، كما يظن الكثيرون ممن التقيتهم.
أفهم أن هذا البرنامج به الكثير من المزايا التي تجعلك بلمسة زر تفر من عالمك إلى عوالم أخرى، عوالم لأناس يشبهونك شكلاً لكنهم لا يشبهون حياتك، فتتلذذ بمتابعة ما يقومون به بشكل يومي، وتبدأ أنت في رحلة التخيل إلى تلك العوالم التي كنت تقرأ عنها أو تشاهدها في السينما، لكنك الآن لا تحتاج إلى جهاز وشاشة ذات بوصة متعددة لكي تتمتع بمشاهدة عوالم الآخرين الشخصية، وإنما عبر جهازك الجوال فأنت تتشارك معهم حياتهم وبإرادتهم.
بالنسبة لي يظل هذا البرنامج محصوراً في التعريف عن هويتي كإنسانة، لكني حينما أقوم بتقديم النصائح أحياناً عن الكتب، أتساءل هل أنا مخولة بذلك؟، هل بإمكاني إرشاد متابعيي عن أفضل الكتب التي تستحق القراءة من وجهة نظري؟، أم أن ما أقدمه سيذهب هباءً على الأخص أنه بعد مرور 24 ساعة على ما صورته، ستنتهي مدة الفيديو الذي قمت على تصويره، لهذا أظن أنني لا أزال مصرة على أن برنامج «السناب شات»، هي متعة عظيمة للمتلصصين على حياة الآخرين والمشاهير، لكنه لا يتجاوز أكثر من إمتاعك فقط لا غير، ولا يمكن أن يكون منبراً لتصدير الثقافة، إنما لتصدير «هياط» البعض!
بقلم : سارة مطر
copy short url   نسخ
31/07/2016
4241