+ A
A -
يقول الدّكتور غازي القصيبي في مذكّراته:
حضرتُ مرّةً قمّةً عربيّةً وتمّت الموافقة على مشروع، فالتفتَ أحد الرؤساء إلى وزير خارجيّته، وسأله: على ماذا وافقنا؟!
هذا هو البروتوكول الأوّل: كُنْ كالأطرشِ في الزّفة!

البروتوكول الثّاني: اشجُبْ ودِنْ واستنكِرْ!
وشجبَ ودانَ واستنكرَ أفعالٌ مرادفة للفعلِ رَدَحَ! وهو فعلٌ مشلولٌ لا يُسمنُ ولا يُغني من جوع، يُشبه قلق بان كي مون حيال مجزرة، فلا هو يردعُ قاتلاً ولا يُنصفُ ضحيّةً!
والرّدحُ يُفهمُ إذا مارسته العَوَالِمُ، والعوالم جمعة عالمة وهي الرّداحة، ويُفهمُ إذا مارسته الشعوب المقهورة التي تتوجعُ لأن ليس في يدها شيء، تماماً كما نفتحُ نحن لكل خيبةٍ هاشتاقاً نردحُ فيه! أما أن يصل الرّدحُ إلى القادة فهذا شيء مشين، فالقادةُ لا يردحون، فهارون الرشيد قال لنقفور: الجواب ما ترى لا ما تسمع لا كلب الروم! والمعتصمُ قال للمرأة التي استصرخته: لأبعثنّ لكِ جيشاً أوّله عندكِ وآخره عندي! هذا زمن العزّة، أما في زمن الذِّلة فكانوا يدفعون الجزية لأعدائهم الأقوياء دون ردح!

البرتوكول الثّالث: قِفْ مع فلسطين!
في كلّ قمةٍ عربيّة يُخبرنا قادتُنا أنهم يقفون مع فلسطين، كان الله في عونهم فمنذ العام 1948 وهم في حالة وقوف دائم! يُخيّلُ إليّ أنّ قضية فلسطين لن تُحلّ إلا عندما يجلسون ويستريحون فعلى ما يبدو أنّ هذا الوقوف بهذا الشّكل لا يُجدي نفعاً، إنّه يُشبه الوقوف دقيقة صمت على روح مرحوم ما، فلا يستفيد منها المروح، ولا يجد أهله فيها عزاءً! أضف أن الوقوف مع فلسطين لو كان جاداً فعلاً، لما كان علينا أن نقف مع العراق، ثم مع سوريا، ثم مع اليمن، ولا أحد إلا الله يعلم مع من سنقف بعدها لأن الوقوف الأول كان مسرحيّة!

البروتوكول الرّابع: كُنْ مشغولاً!
في كلّ قمةٍ عربيّةٍ لا بُدّ أن يتغيّب أحدٌ ما، وكان الله في عون هذا الغائب، فقد كان يعمل كالنملة ليل نهار على حلّ مشاكل شعبه لأجل أن يحضر القمة في موعدها، ولكن تبقّى مشكلة صغيرة، أملى عليه ضميره أن يبقى ليحلّها! «خِفْ علينا يا عمي المشغول»، حضورك للقمة أساساً لن يضيف إليها جديداً فقد تكفّل مندوبك بالردح عنك، وغيابك عن وطنك لأيام لم يكن ليُعطّل حركتها، فهذه البلاد «ماشية بالبَركة»!

البروتوكول الخامس: نَمْ
في كلّ قمةٍ عربيّة لا بدّ أن يلتقط الصحفيون صورة أحدهم نائماً، وهذا عمل كدتُ أن أتهور وأشجبه وأدينه وأستنكره، ولكني وأنا أشاهد قمة نواكشوط على التلفاز.. من فرط الملل نمت!
بقلم : أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
30/07/2016
3164