+ A
A -
صوّت «الكنيست الإسرائيلي» (البرلمان) قبل أيامٍ خلت بالقراءتين الثانية والثالثة على مشروع القانون المُثير للجدل والذي يُتيح إقصاء أي نائب في الكنيست (والمقصود أي نائب عربي) بسبب ما يوصف بأنه «ممارسته التحريض على العنصرية»، ودعمه لعمليات مسلحة ضد «إسرائيل».
مشروع القانون كان قد طرحه رئيس الحكومة «الإسرائيلية» بنيامين نتانياهو مطلع العام الجاري 2016، ومعه عضو الكنيست من حزب البيت اليهودي اليميني نيسان سلومانسكي وهو الحزب الشريك في الائتلاف الحكومي، وجاء طرحه بالتحديد عقب زيارة نواب من القائمة العربية الموّحدة في الكنيست (البرلمان) لعائلات شهداء فلسطينيين عمليات فدائية بالقدس المحتلة مازالت جثامينهم مُحتجزة لدى سلطات الاحتلال. وبالتالي فإن القانون يستهدف النواب العرب تحديداً، ويستهدف دورهم النشط إلى جانب شعبهم، مع الإشارة إلى أن الكنيست كانت في فترة ماضية قد أبعدت ثلاثاً من النواب العرب وهم: باسل غطاس وجمال زحالقة وحنين زعبي عن الكنيست لمدة ثلاثة أشهر، عقب زيارة أهالي الشهداء والتضامن معهم.
وهنا نشير إلى أن لجنة القانون والدستور التابعة للكنيست قد صادقت نهاية فبراير الماضي على مشروع قانون يقضي بإقصاء أي نائب متهم «بالتحريض على العنصرية ودعم الإرهاب وعدم الولاء لإسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية»، وذلك بشرط أن يوافق على القرار تسعون نائباً من أصل «120».
إن إقرار القانون بالقراءتين الثانية والثالثة، سيسمح بإقصاء أعضاء الكنيست في حال موافقة تسعين عضواً من أصل 120. وبالفعل تم إقرار القانون في الكنيست بأغلبية 62 عضواً ومعارضة 47 عضواً، الأمر الذي يعني أن القانون أصبح نافذاً من الوجهة العملية ويحتاج لإجراءات إدارية فقط.
وفي حقيقة الأمر، أن القانون جاء في سياقات متواصلة من المحاولات الرسمية وغير الرسمية «الإسرائيلية» المستمرة لخنق الصوت العربي داخل الكنيست، حيث سَبَقَ أن تم تمرير العديد من القرارات التي تَمُسُ فلسطينيي الداخل وممثليهم في الكنيست من كل القوى العربية في الداخل عام 1948.
إن القانون أعاد من جديد تثبيت وتقنين العنصرية في دولة تَدّعي بأنها «دولة لكل مواطنيها»، لكنها في حقيقتها تعامل المواطنين العرب أصحاب الوطن الأصليين كأبناء جارية؛ فالقانون المطروح والذي جرى تمريره بالقراءتين الثانية والثالثة يستهدف في محصلته النواب العرب وعموم فلسطينيي الداخل، كما يأتي في مسار المحاولات «الإسرائيلية» المُستمرة لفصل وعزل عملية الترابط والتعاضد بين فلسطينيي الداخل 1948 عن فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 1967.
عدا عن ذلك، فإقرار القانون يطلق يد القوى الفاشية داخل المجتمع «الإسرائيلي» الصهيوني التي تسعى لتوجيه ضربة قاصمة للوجود والنشاط السياسي الملموس لفلسطينيي الداخل المحتل عام 1948 ولعموم قواهم السياسية ومؤسساتهم الوطنية.
ويتوقع هنا، أن يلجأ النواب العرب إلى المحكمة العليا وإلى تحشيد الناس من المواطنين العرب ضد القرار، كطريق لابد منه في مقارعة مشاريع القرارات العنصرية التي يجري من حين لآخر تشريعها داخل البرلمان «الإسرائيلي».
أخيراً، لقد فضحت وكَشَفَت عملية التصويت على القرار إياه داخل الكنيست، انتهازية ما يُسمى «أحزاب وقوى اليسار الصهيوني» التي انحاز العديد من نوابها في الكنيست إلى جانب التصويت على مشروع القرار، كما كَشَفَت عملية التصويت ونتائجها عن أوهام المراهنة على تلك القوى التي يعتقد البعض أنها يمكن لها أن تساهم بلجم سياسات التطرف والفاشية التي باتت تستفحل داخل المجتمع «الإسرائيلي» أكثر من أي وقت مضى.

بقلم : علي بدوان
copy short url   نسخ
23/07/2016
1752