+ A
A -
جاءت وجلست بقـربي وهمست في أذني وقالت وابتسامة كبيرة تعـلو وجهها المليح: أبشرك، أموري مع فلان في تحسن مستمر، وأنوي إلغاء الـدعـوى الـتي أقـمتها عـليه.. أسعـدتني هـذه البشرى كـثيرا، فـقـد كنت أظن أن الأمور وصلت بينهما إلى خط اللا رجعة، مع أنها وزوجها في مقتبل العـمر..

إن قـرارها بإلغاء دعـوى الانفصال عـن زوجها لا شك أنه كان قـرارا صائبا وحكيما جدا منها.. وهنأتها عـلى اتخاذها قـرار الصلح، فالصلح خير، خير لها ولزوجها بشكل عام، ولأبنائهما بصورة خاصة.. يقول الله سبحانه وتعالى: «وإن امرأَة خافَـت من بعـلها نشوزا أَو إعـراضا فَـلا جُـناح عـليهِما أَن يُصلحا بينهما صُلحا والصلح خـير وأحـضرت الانفس الشح وإِن تُحسنوا وتتقُوا فَإن الله كان بما تعـملون خبيرا»..

إن وعي الشيطان وإدراكه لعـظمة الفـتن الناجمة عـن الفـراق بين الزوجين، جعـله يمدح المختصين من أعـوانه بتشتيت شمل الأسرة، ويتضح ذلك جليا في الحـديث النبوي الشريف الذي رواه مسلم في صحيحه عـن جابر بن عـبد الله عـن رسولنا الكريم محمد صلى الله عـليه وسلم قال: إن الشيطان ليضع عـرشه عـلى الماء ثم يبعـث سراياه في الناس، فأدناهم عـنده منزلة أعـظمهم عـنده فـتنة، ويجيء أحـدهم فـيقول: ما زلت بفلان حتى تركـته وهـو يقول كـذا وكـذا، فـيقول إبليس: لا والله ما صنعـت شيئا، أو يجيء أحـدهم فـيقول: ما تركـته حـتى فـرقـت بينه وبين أهله، قال فـيقـربه ويدنيه ويقول: نِعـم أنت.. إن أقـرب المقـربين للشيطان إذن هم أشدهم نيلا من وحـدة الأسرة، لأنها فـتنة تؤدي إلى انفصال الزوجين..

لا اختلاف عـلى أن الطلاق تجربة قاسية ومريرة للزوجين، ومما يؤسف له ان آثار الطلاق عـلى الاطفال لا تؤخـذ في الاعـتبار، ونظن أن الأطفال سيقـبلون بالأمر الواقع، دون أن نفكـر في مشاعـرهم، أو ما سوف يترتب عـلى نفسيتهم بعـد انفصال والديهم، والذي سيكون دون أدنى شك صعـب وقاسٍ جـدا عـليهم، بغـض النظر عـن عـمر الطفل، خصوصا إذا كان هنالك كثير من الشد والجذب خلال الفترة التي تسبق الطلاق في العلاقة بين الوالدين.. فالطلاق يؤثر في الاطفال بكل مرحلة من مراحل حياتهم بدءا من فـترة الرضاعة.. وحقيقة أن يصبح أحـد الوالدين في عـداد المفقودين لا تنسى بسهولة.. وعـندما يتخذ الزوجان أو أحـدهـما قـرار الانفصال، لقد ارتفعـت معـدلات الطلاق بصورة مفزعة في مجتمعـنا القطري، وأصبح للأسف هـو القاعـدة خاصة خلال السنوات الأولى من الزواج، فهـنالك حـتما سبب قـوي جـدا من وجه نظرهم، فالطلاق له تبعات خطيرة عـلى الأسرة، وكثيرا ما يكون الاطفال أكثر المتضررين.. لأنه سيؤدي إلى تغـيير حياتهم، مع تغـيير في طريقة العـيش التي اعـتادوا عـليها، كما أن انتقال الاطفال بين منزلين مختلفين لن يُشعـرهم بالاستقـرار، كل هـذه التغـييرات تجعـل من الصعـب عـلى الاطفال التكـيف وقـبول الوضع الجديد.. ووفـقا للأطباء النفسيين، فـقـد يتأثر الأطفال بالآتي:

- الإحساس بالفقد، فالانفصال عـن الوالدين لا يعـني فـقـدان المنزل بل فـقـدان الحياة بأكملها..

- شعـور بالغـربة، وعـدم الانسجام مع الأسرة الجديدة إذا تزوج احـد الوالدين..

- الشعـور بالخوف من أن يترك وحيدا، إذا ذهـب أحـد الوالدين، فـربما يذهـب الآخـر ايضا..

- الشعـور بالغـضب من أحـد الأبوين أو كليهما بسبب الانفصال..

- الإحساس بالذنب والمسؤولية في انفصال والديه..

- الشعـور بعـدم الأمان والغـضب والـرفـض..

- الشعـور بالتشتت بين الاب والأم..

الحياة الزوجية كما نعـلم جميعا لا تخلو من المشاكل، إذ يقع بين الـزوج وزوجه من خلافات ربما تؤدي إلى الفراق، وإن الصلح بينهما عـلى أي شيء يرضيانه خـير لهـما من تفـرقهـما..



بقلم : سلطان بن محمد

copy short url   نسخ
20/04/2016
1011