+ A
A -
(1)
ما هو «الرأي العام »؟.. هي عبارة هلامية، مثلك تماماً!
ومن الذي يقوم بصناعته؟.. لا تعرف! هل تظن أنك أصبحت شريكاً بصناعته لأن التكنولوجيا والإنترنت والهواتف الذكية منحتك الكثير من المنابر؟.. ربما!
وربما: أنت جزء من هذه اللعبة الكبرى دون وعي منك وتشارك بصناعة «الرأي العام» دون أن يكون لك رأي!!
(2)
الإعلام يستطيع أن يقنعك بما يشاء:
من مشروب فواكه جديد أو شامبو للشعر، إلى فكرة جديدة وواقع جديد تعتاد عليه بعدما كنت ترفضه.
يروّج لك المشروب والفكرة، ويغلفهما بغلاف برّاق، ويرسلهما إلى منزلك: واحد لبطنك، والأخرى لعقلك. وأنت جاهز لاستهلاك أي مُنتج!
- البارحة كنت مشغولاً بمباراة كرة قدم بين أمم أوروبا..
- اليوم سيأخذك برنامج تليفزيوني إلى قضية محلية ويُسلط عليها الضوء.. ويُسلط الظلام على قضية محلية أكبر!
- غداً سيكون شغلك الشاغل: أي صوت هو الذي سيفوز في برنامج المواهب؟
- تنتظر كلمة عاجل تملأ الشاشة بخط عريض وبلون أحمر فاقع، معلنة عن مجزرة ما، لتعيدك الأشلاء إلى أحد الشوارع العربية في بغداد أوبيروت أو حلب.. وتتذكر أن خارطتك العربية لم تعد تشبه تلك التي كنت تدرسها في كتاب الجغرافيا.
كل يوم لك رأي.. كل يوم لك قضية.. كل يوم يجرك الصراخ إلى جهة مختلفة:
في أول النهار تأخذك البورصة إلى أرقامها.. وتكاد ان تصبح محللا اقتصاديا.
في أول المساء تدخل في ثرثرة غبية وصراع أحمق حول ناديك المحلي وخصمه التقليدي.
آخر المساء: تتحوّل إلى مناضل.. بلا ساحة واضحة!
(3)
مزاجك يتغيّر حسب مزاج وسائل الإعلام.. تلك التي تصنع «المزاج العام» بمهارة.
الوجبات التي تأكلها تختارها لك الشاشة..
ملابسك، أغانيك المُفضلة، ذوقك وذائقتك، الطريقة التي تقص بها شعر رأسك وشواربك!
عد بالزمن إلى عقد مضى: هل تشبهك الآن؟
الإعلام بنجومه وماكينته الضخمة يشكلك كما يشاء..
حتى المعرفة والوعي.. ظننت أنها سطر صغير في تويتر!
أنت عجينة صغيرة جداً لصناعة «التمثال» الأكبر.. الذي ستعبده لاحقاً!
(4)
عزيزي المتلقي... عزيزي المشاهد:
لا تظن أنك أنت الذي يتحكم بالريموت كنترول أمام الشاشة..
الريموت كنترول هو الذي يتحكم بك!

بقلم : محمد الرطيان
copy short url   نسخ
14/07/2016
2478