+ A
A -
في سوريا أو في العراق كشفت التقارير الدولية كما كشفت وسائل الاعلام العالمية ومقاطع الفيديو التي تناقلها النشطاء السوريون عن الاستعمال المكثف لأسلحة محرمة مثل القنابل الفسفورية الحارقة والقنابل العنقودية. الأسلحة الفتاكة المدرجة ضمن أسلحة الدمار الشامل تستعمل اليوم بشكل واسع خاصة في سوريا حيث تقوم قوات الاحتلال الروسي برجم القرى والمدن المنتفضة ضد نظام الأسد بالقنابل بشكل دوري.
التعريف الجاري للأسلحة المستعملة هو أنها «أسلحة محرّمة دوليا «أي أن ما يسمى بالقانون الدولي يحرّم استعمالها ويجرمه مما يعني كذلك أن كل مستعمل لهذه الأسلحة يتعرض إلى عقوبات دولية ضمن القوانين التي تضبط استعمال هذه الأسلحة وتحدده.
لكن الصادم في المشهد السوري والمشهد العربي بشكل عام هو صمت المجتمع الدولي المطبق تجاه هذا وهذه الجرائم وعجز المؤسسات الدولية عن تفعيل قوانينها وتطبيقها. بل إن الصادم أيضا هو صمت المؤسسات العربية الرسمية مثل جامعة الدول العربية عن استعمال هذه الأسلحة على شعب عربي أعزل مثلما يحدث في سوريا اليوم وخاصة في مدينة حلب. نحن أمام خرق واضح لما يسمى بالقانون الدولي عبر امتداد حجم الجرائم المرتكبة لتتحول إلى تطهير عرقي وتهجير قسري وتصفية على الهوية أمام مرأى ومسمع العالم كله.
لكن العالم وخاصة العربي منه يتذكر حرب الخليج الثانية ويتذكر وزير الدفاع الأميركي «كولن باول» وهو يلوح من أعلى منابر الأمم المتحدة بأنبوب زجاجي ادّعى يومها أنه يحتوى على عيّنة من أسلحة كيمياوية كان الجيش العراقي قد طورها وأنه يهدد بها كامل المشرق العربي. يومها تم شن حرب كاسحة على العراق بهدف معلن وهو التخلص من أسلحة الدمار الشامل وهي أسلحة اكتشف فيما بعد أنها غير موجودة وأن الجيش العراقي كان قد تخلص منها منذ مطلع التسعينات.
تحرك المجتمع الدولي يومها وبارك غزو العراق بمشاركة دول عربية وتحالف دولي بتهمة كاذبة لفقتها المخابرات الأميركية للنظام العراقي من أجل تدمير العراق والقضاء على نسيجه الاجتماعي لتدفع به إلى عالم الفوضى الذي لا يزال يسبح فيه إلى اليوم.
اليوم تتحرك قوة نووية دولية ممثلة في الجيش الروسي لتدافع بكل شراسة عن بقاء نظام دموي دمّر كل ما تبقى من الدولة السورية فقط من أجل بقاء عائلة الأسد حاكمة في مصير سوريا وشعبها. اليوم ترتكب روسيا الاستعمارية الجديدة كل أنواع الجرائم في حق الأطفال والمدنيين حرقا وخنقا بالغازات من أجل المحافظة على مكاسبها وعلى قواعدها العسكرية في أرض الشام غير مبالية بكل القوانين والأعراف الدولية.
إن خطورة استعمال الأسلحة المحرمة دوليا لا تقتصر على حجم الضحايا وحجم الخسائر بل إنها تتمثل أساسا في انكشاف الدور الاستعماري غير المباشر الذي تقوم به المنظمات الدولية التي نصبت نفسها منذ الحرب العالمية الثانية شرطيا للمنطقة وحارسا على تطبيق قوانينها.
إن انعدام القانون وانعدام تطبيق واحترام الأعراف والنواميس والمعاهدات الدولية كفيل بتحويل العالم والمنطقة العربية إلى نطاق لقانون الغاب وانتشار الإرهاب في الوقت الذي تدعي فيه القوى الدولية زورا أنها تسهر على محاربته.

بقلم : محمد هنيد
copy short url   نسخ
30/06/2016
2235