+ A
A -
تَقِفُ الأيّامُ والناسُ نِيَام.. والناس نِيَام تَقِفُ الأيامُ عند رصيف منفاك الوجودي، وتقفُ أَنتَ على ساقٍ واحدة تعدّ العَدَّ العكسي واضعاً نصب عينيك مائةَ سيناريو وسيناريو يَرْفَعُك إلى مدارج القِدِّيسين أو يُطيحُ بحَبّاتِ الأملِ الكاذبِ قبل أوان قطفها من شجرة الحُلم..
الكآبة موعد يربطك بالمجهول في سكون الليل.. الدموع موكب يزفُّك إلى الذي قد يأتي ولا يأتي، والألمُ نخلة تُصْلَبُ عليها روحُك اليتيمة في سفرها الجنائزي الطويل على طريق الحياة الذي لا تَعْرِف له نهايةً تُرْضيك..
تفادياً لانشقاق حَجَرٍ يَحْمِلُ قدميك وتملُّصاً من سقوط سماءٍ فوق رأسك تَقْبع أنتَ في خيمتك التي تموت فيها ببطء.. تجثم جُثومَ جُثَّةٍ هامدةٍ تنصُّلاً من تمرُّد رجال قبيلتك الذين يرون أن من العار أن تحيا، كما أن من العدل أنْ تُراقَ دماؤك في ذروة الهذيان ورقصة النيران..
سكوتُك عن الحق شَيْطَنَة في زمن الصِّدِّيقين والأتقياء، ولْتَكُنْ أنتَ الشيطان إذا لم تُفلحْ نفسك في الانقياد إلى ما يتيمَّنون به.. أما في زمن الفراعنة الصغار وسماسرة الموت، فنِعْمَ الملاك أنتَ لو غَضَضْتَ بَصَرَك وبصيرتك وجَرَتْ رياحك بما اشتهَتْ سُفُنُهم..
هَجْوُك لبُحيرة نفاقهم الآسِنة تُسلِّط عليك سيوفَ ألسنتهم وتَفتح عليك أبوابَ جهنَّم وتوقظ مَارِدَ (مفرد مَرَدَة) ونُمْرُودَ (مفرد نَمَارِدَة) الشّرّ الساكنين في عيونهم..
الملائكة تهاجر بلا رجعة.. أما الشياطين، فيُقيمون ويُعَمِّرون.. والويلُ لك إذا أنتَ كفرْتَ بدينهم أو هَفَتْ نفْسُك إلى الحبيبة كبريائك.
مِنَ السهل على مَن يمقتُ وجودَك أن يَدوسَك كما لو كُنْتَ صرصاراً حقيراً تُفْسِدُ راحتَه، فيُقابِلُك بِعُتُوٍّ يُذَكِّرُك بما نبذه لقمان الحكيم في وصاياه لابنه. ويا لأكوام التقزُّز والاستياء التي ستنهال عليك وأنتَ الدودة تحت أقدامهم، تلك الأقدام نفسها التي ستَعرف طريقَها إلى بيوت الله.. يُقَرِّرُون في شأن إبادتك كما يُبيدُ الفاتحون الجُدُد شُعوباً وشُعوباً..
ما أبعدك يا كوكب الصدق عن أرضك أنتَ أنتَ وقد نِلْتَ من اللغط واللغو ما يكفي ليجعلَ سيرتَك عِلْكَة، عِلْكَة في أفواه من يحاربك ويكيد لك وينصب لك أكثر من فخّ ومصيدة، ومِنْ لغطهم ولغوهم أيضا ما يكفي ليجعلَ زمكانك (الزمن والمكان).. يشتعل اشتعال فضيحة لا يتوانون عن النفخ في نارها، مع أن الفضيحة أصلاً إن كانت فعلا فضيحةً وجب سترُها فسبحانه الحليم السّتّار..
في زمنك أنتَ أنتَ سَلِ اللهَ الصحةَ والسترَ، وسَلْ نفْسَك الرضا والقناعةَ لتضمنَ بقاءك قيد النعمة على شِبْرٍ من الغَبْراء، الأرض التي طفقتْ تنوء بالمعاصي والذنوب والأخطاء والخطايا..
يتجاوز الآخَرُ ما يقترفه من تقصير في حقّ الله وفي حقّ أخيه، بينما ينزل عليك بالأحكام القاسية (باسم الأخوة والدين والإنسانية)، فيُقاضيك من حيث لا تدري، يُقاضيك ويُنفِّذ بلسانه، لسانه الأمَرّ من الحنظل والأقسى من القسوة إِذْ يَغْدو حساما يزجُّ رقبتَك زَجّاً، فإمّا الذبح.. وإمّا الذبح..
قضاءُ الناسِ فَأس.. فمتى يدع المتآمرُ القضاءَ لله في زمنٍ تَجَرَّأَ فيه مَن تَجَرَّأَ على نسيان ربّ الناس واكتفى بصحبة الشيطان الخنّاس حتى لا تدري مَنْ يُعلّم مَنْ؟ أهو الشيطانُ (الشيطان بحقّ) مَنْ يُعلّم شيطانَ الإنس، أم أنّ شيطانَ الإنس مَنْ يُعلّم الشيطانَ (الشيطان بحَقّ) الحِيَلَ والمقالِبَ؟
باللسان يتآمر عليك المتآمِرون، باللسان يقضون ويفتون، وباللسان يُنفِّذون ويُعْدِمون.. يُعْدِمون إعداماً.. اتحادُهم ضِدّك مشنقة، ورقبتُك حلال في منظورهم الملعون وهم واهمون في ما يزعمون..
«اللَّهُمَّ إِنَّ فِي تَدْبِيرِكَ مَا يُغْنِي عَنِ الْحِيَل».
«اللَّهُمَّ إِنَّ فِي تَدْبِيرِكَ مَا يُغْنِي عَنِ الْحِيَل».
«اللَّهُمَّ إِنَّ فِي تَدْبِيرِكَ مَا يُغْنِي عَنِ الْحِيَل».
بقلم : سعاد درير
copy short url   نسخ
30/06/2016
1318