+ A
A -
داليا الحديدي
كاتبة مصرية
بالأمس طلب أبنائي كعكة «براوني»، فذهبت وحدي سريعًا لشراء طلبهم وعدت وبيدي كيس تركته بالمطبخ وصعدت لغرفتي سريعًا لأستريح.
فتحت ابنتي الكيس فوجدت كعكة «البراوني» وجبن ماعز وهو المفضل لدي و«فوندون».
قالت دانا: سأحضر لك شطيرة من جبن المعاز(ساندوتش) مع استكانة شاي.. فرحبت.
تأخرت ابنتي حتى نمت ولما استيقظت وجدت طاولة الشاي بجانب السرير وبها شطيرة من عجينة شكلها جديد، ليس خبزاً.
قالت: لم أجد خبزا بالبيت يا أمي، فلم أرغب في إيقاظك أو إيقاظ والدي للشراء.. فدخلت على الإنترنت وبحثت عن طريقة عمل الخبز وصنعته لك.. لذلك، تأخرت في تحضير الطعام لك.
نعم، لقد خبزت ابنتي الصغيرة من أجلي..
لذا، فأنا منذ الأمس وأنا اشعر بذهول، إذ لم يكن في بالي وأنا اتمنى الحبل أو ساعة حدوثه أو حين عانيت الآم المخاض أو حين حملتها وارضعتها حولين أو حين حفظتها أو غمرتها بأحضاني، ولا ساعة كنت اتحرى الممرات الآمنة من الآشعة الضارة في المجمعات التجارية ولا حين صبرت على مشاق الحياة أن يكون المردود مانح للأمان والحب بهذا الشكل الجد النادر.
أنا لم افعل شيئا لم تفعله الأمهات الفضليات.. وأتساءل ماذا صنعت لكي أُمنح ابنة كـ «دانا» سيما وانها تتفنن في فعل ما لا يخطر على بال الأبناء في إسعاد الأمهات.
فكم وجدت أوراقًا نقدية بستراتي، كونها لاحظت اني استبشر واسعد كثيرًا إذا ما وجدت بعض النقود المنسية في جيوب دثري.
إنها تدس لي النقد خفية، وحين ضبطها مرة، قالت: إنني اشتري ابتسامتك الغالية بزهيد النقد..
فما الغريب في ذلك؟!
إنني ما طلبت منها يوما البحث عن شيء لي -مبرد أو قصافة أو سواهما- إلا وأتتني بالمطلوب موضوعًا على وسادة مع انحناءة .
إنها لا تقدم لي الماء إلا مصحوباً بصينية موضوعة عليها مزهرية وبطاقة مخطوطة بقلوب وورود.
إنها تلاحقني بمقويات وفيتامينات الود والحب كما تحقنني ببلازما الرحمة المركزة يوميًا بل آنيًا..
إنني لم اسمعها يوما تقول لأحد ولو مجاملة، حضرتك في معزة أمي، وبدوري، لن أسمعها أنا أبدا، أن أحدا بمعزة ابنتي أو يقاربها.
ثم تسألني دانا عما أريد كهدية في يوم الأم؟ ألا تعرف ذات السنوات القليلة أنها هي ذاتها الهدية الأغلى في يوم الأم.
كاتبة مصرية
Email: [email protected]
copy short url   نسخ
21/03/2020
1530