+ A
A -
بقلم- داليا الحديدي
كاتبة مصرية
ما أحمق من يعلق سعادته على شماعة الآخرين!
إلى متى سيقنعونكم أن نجاح المرء يرجع لدعم زوجته، أو أن نبوغ المرأة يعود لتشجيع شريكها؟
لما تستسيغون فكرة أن فلانة لن ترى ضوء فجر سعيد لأن شمس زوجها لا تسطع في الدار؟
كم حقنونا في الوريد بمحلول يحتوي على معنى علينا التسليم به/‏‏ مفاده أن وراء كل رجل عظيم امرأة، رغم كم النابهين الذين لم يتزوجوا من الأساس.
كيف يعقل أن نعلق الرفاهة النفسية لإنسان لمزاج شريكه في الاستجابة له من عدمها؟! ولم نزرع في قلوب بناتنا أن الزوج الطيب هو المصدر الوحيد لسعادة قرينته، إن وافق على صحبتها فهي مشرقة، وإن غلبته أنكاده وسوداويته، فطريقها مسدود مسدود؟
ألم تثبت تجارب الحياة أن الرضى قرار انفرادي يحتاج من الإنسان لاجتهاد، فالسعادة تحتاج لاجتهاد وشغل كبير على النفس. والدنيا عامرة بالتنوع، فإن لم نجد الدعم من الشريك، فهناك الصديق أو الأولاد، الجيران، أو حتى مصادقة النفس، لكن أن نقصر مصدر سعادة المرأة على مزاج زوجها، أو العكس فهذا إجحاف بمقادير الإنسان وبقدراته....
أعتقد أن التحدي الكبير أن يكون الزوج سيئ الطباع مع رزمة مشاكل وأنكاد أخرى، وعلى هذا لا تهتز شعرة في ثقة المرأة أنها بعون الله وحده ستنجح، ستتخطى، وستقاوم..
أؤمن أنه بالإمكان عدم تعكير صفو النفس، ولو في وجود رئيس متعسف أو مدير متسلط أو زوج شرس..
فالأمر يحتاج من المرء لاستبصار ولتطوير مهاراته الاجتماعية وتنمية قدراته النفسية التي تؤهله لاستبصار منح الله عليه بشكل أفقي.
فالتعمق في النظر لحياتنا يبعث على الحزن
على أن استعراض النظر لحياتنا بشكل بانورامي أو الإمعان في الصورة بشكل أفقي يبعث على الابتهاج ويساهم في توضيح حقائق الحياة.. فإن الله حين يقدر لك الخسارة، يغيثك مباشرة بالعوض.
تستطيع أن تعيش سعيدا وراضيا ولو مع شريك نكدي لأنك لو عددت نعم المولى وطرحت منها نقمة شريك ضاغط، سيتأكد لك انك منعم بالكم والكيف معا وأن الحياة تمضي حتى في وجود المنغصات.
لا ننكر أن الأمر يصبح نعمة مضاعفة في حالة وجود زوج أو زوجة على قدر من الرحمانية والتواد.
لكن المغزى، أن بإمكان المرء الحياة راضيا مرضيا عنه بدون دعم الشريك أو بدون وضع أمثلة للظروف المحيطة.
لا شك أن الاقتران بإنسان عصبي، قاس أو عاشق للتملك قد يؤخر أو يعطل النجاح، لكن من البشر من يتعامل مع مدير صلف، زوج ضاغط، حماة متسلطة أو أي كائن هدّام على انه مجرد عرقول من عراقيل الحياة التي يضعها المدربون للاعبين ليدربوهم على تخطي الصعاب في العدو.. وكلما تمرس المرء، صعّب المدرب التدريب ووضع المزيد من العراقيل لتفعيل مهارة اللاعب، علما بأن أكبر العراقيل لن تقف أمام لاعب مدرك انها موضوعة له عمدًا من قبل مدرب الأقدار لتختبرنا ومن ثم تعلمنا.
حذار أن تعتقد أن ابتلاءات الحياة حري بها تعكير صفائك النفسي.
فصفقة خاسرة لن تفت في عضد رجل اعمال واع لظروف السوق.
ومدرس فاشل أو سقطة في امتحان لن تجعل طالبا مجتهدا يهجر طريق العلم، لأن النابهين يفهمون سياسة البدائل، فسلاح التلميذ أو الدروس على النت أو مع مدرس آخر بمثابة عوض.
لا تقصروا فرص النجاح وإمكانية السعادة في صداقة زوج أو اخوة صديق أو في ظروف مواتية في الحياة.
بل النجاح الحقيقي والسعادة الحقة تنبع من قدراتنا على التأقلم في المسير رغم صعوبات الدروب وعوائقه وصدماته.
لا تختصروا السعادة في وفاق زوجي، لو أن طعم صداقة الأزواج مميز وشهي كلحم الضآن، لكن من السفه أن يحرم الإنسان نفسه من مصادر الغذاء الأخرى من اسماك، دواجن، خضر وفاكهة وبقول، لو حرم تناول الضآن.
نعم العوض في البقول، وفي العقول التي تبحث عن العوض في البدائل.
copy short url   نسخ
22/02/2020
2269