+ A
A -
تابعت بانبهار شديد الفيديو المتداول للقاء مصور أجرته إحدى المحطات مع الفنان القدير يوسف فوزي. ورغم استياء عدد غفير من الجماهير من إجراء تلك المقابلة مع الفنان الشهير الذي أصيب منذ فترة بمرض الشلل الرعاش، إلا أنني حرصت على أن يشاهد أبنائي هذا الفيديو الذي اتُهِمَ القائمون على بثه برغبتهم في تشويه صورة النجم القدير واظهاره بشكل لا يليق بمكانته.
وان كنت اتفق مع البعض أنه كان هناك عيب في التصوير لتركيزه بشكل مطول على ارتعاشات يد النجم الكبير، إلا أنني اعارض مطالب البعض بعدم ظهور المشاهير سوى في أبهى صورة.. فأنا اوافق وبشدة على ظهور هذا الفنان الرائع وهو يرتعش لأن هذه الارتعاشة تفصح عن الجوهر الصلب لمعدن هذا الفنان، عدا قدرته على مواجهة الناس بضعف جسده وقوة شخصيته.
لقد سافرت لدول البلقان وشاهدت الناس في مدن اوروبا الشرقية والغربية، وكم هالني كم المسنين والمقعدين في تلك الدول. وعند بحثي قي الإحصائيات، وجدت أن عدد المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة كما والمعاقين في إطار المعدلات الطبيعية والمعتدلة في تلك الدول، لكنهم في تلك المجتمعات لا يدفنون مرضاهم فيسكتوهم، كما لا يستحون من مسنيهم فيؤدوهم، ولا يشفقون على المعاقين فيقبروهم أحياء داخل بيوتهم.
لربما أراد رب العالمين أن يظهر القوة البدنية للملاكم السابق محمد علي كلاي في فترة شبابه فمنحه بدنا قويا..ثم ابى سبحانه إلا أن يفصح عن صلابة شخصية «كلاي» وقوة يقينه والتي تفوق عضلات جسده بمراحل، فعطل البدن وأصابه بالشلل الرعاش في أواخر عمره، على أنه منحه من القوة الإيمانية ومن جمال الروح ما سمح له بمواجهة الجماهير على شاشات التلفزة دون خشية المعايرة أو السخرية أو سائر اشكال السفه.
ولقد لمس المشاهد من خلال مشاهدة النجم القدير «يوسف فوزي» مدى رضاه وشكره المستمر لله وقبوله التام لوضعه الصحي، ما ينهض برهانًا دامغًا عن متانة ايمانه وصفاء روحه.
متى سيحين الوقت الذي نتعامل بلا شفقة مع مرضانا سيما من يعتزّون بأنفسهم كفناننا القدير؟
متى نكف عن تخزينهم في البيوت حتى كممنا أرواحهم وضاعفنا إعاقتهم لأننا نحن من نعاني من إعاقة قبول المختلف ورفض التعاطي مع المريض؟
أسنشهد صباحًا نكف فيه عن التحديق فيمن لديه بهاق أو سواه من الأمراض الظاهرة الأعراض؟
حيا الله فناننا الكبير وادامه، فقد كشفت رعشة يديه عن رساخة موقفه في مواجهة الناس.
بيوت العرب عامرة بمرضى «متلازمة داون» لكننا «ندفسهم» خشية المعايرة.
ديارنا زاخرة بمرضى التوحد وبالمرضى النفسيين وبذوي الاحتياجات الخاصة ولكننا اعتدنا ألا نظهر للشارع أو للشاشات سوى النجوم رغم أن السماء مليئة بالشهب والنيازك والأجسام المختلفة.
لذا، لطفًا تقبلوا مشاهدة ومعاملة ومصاهرة أي إنسان يعاني مرضًا، عوضا عن الابتئاس من أجله، أو الاكتفاء بالتصفيق له في الأعياد والمناسبات، بل افرحوا لظهوره اليومي، فقد اراد الله له حياة كريمة في العلن، فلمَ نرضى له بحياة عرفية خفية داخل الأسوار دون أن يقترفها؟
ستبقى صورة الفنان يوسف فوزي راسخة كفنان تغلب على خوفه من مواجهة الجماهير واستطاع فرض نفسه بوضعه الجديد تمامًا كمريم فخر الدين والتي استمرت تعمل وتظهر في كثير من البرامج بعد الشيخوخة والمرض وبعد تغير المظهر، في حين أن فنانات أخريات انزوين ورفضن الظهور حفاظًا على صورتهن الخيالية غير الحقيقية في أوهام المشاهد!
فحيا الله الزمن المضارع ومن يصارع ليضارع زمنه.. وحيا الله الفنان القدير..
لكم كان قويًا، عفويا وراسخ الايمان وكم كان ماهرًا في التقاط وفهم الإشارات الربانية بشكل لا لبس فيه.
كاتبة مصرية
copy short url   نسخ
25/01/2020
2602