+ A
A -
كلّف رئيس الجمهورية السيد إلياس الفخفاخ رئيسا للحكومة الجديدة وأسند إليه مهمة تكوين فريق حكومي قادر على الفوز بثقة البرلمان بعد سقوط حكومة السيد الحبيب الجملي التي لم تحظ بهذه الثقة. بقطع النظر عن خلفية رئيس الحكومة الجديد السياسية ومسيرته المهنية وكفاءته العلمية وغيرها من المعطيات فإن الثابت الأكيد هو أن الحكومة الجديدة التي لم تُشكّل بعدُ ستكون بلا منازع حكومة الفرصة الأخيرة. لماذا نقول ذلك ؟ وما هي الأسس التي ارتكز عليها هذا الإقرار ؟
بعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية الجديدة نشأت في تونس أزمة حكومية وبرلمانية خانقة نجم عنها عجز الأحزاب السياسية عن تشكيل حكومة من الكتل البرلمانية الفائزة حسب عدد المقاعد في البرلمان. تسبب هذا التنافر الحزبي المدعوم بأجندات داخلية وخارجية في حالة من الاحتباس السياسي الذي تسبب بدوره في حالة من الاستياء الشعبي العام الذي غطى على نشوة الاحتفال بنتائج الانتخابات.
بعد سقوط الحكومة الأولى تم المرور كما ينص على ذلك دستور البلاد إلى تكليف رئيس الجمهورية بتعيين شخصية وطنية تتكفل بتشكيل الحكومة وهو ما تم خلال الأيام القليلة الماضية. لم تحظ الشخصية الجديدة بإجماع الطيف السياسي التونسي وهو أمر طبيعي في كل مناخ ديمقراطي لكنها حظيت رغم ذلك بإسناد مُعلن من قبل عدد من الشخصيات السياسية والأحزاب وهو ما يمكّنها من قدر من المناورة في تكوين حكومة هي الأصعب في تاريخ المسار الانتقالي التونسي.
من جهة أخرى فإن مجلس النواب الذي يعتبر العقبة الأخيرة أمام الحكومة الجديدة لتتمكن من ممارسة نشاطها لا يملك هامشا واسعا من الحركة. ففي حال اعترض البرلمان على حكومة الفخفاخ مرة أخرى وتسبب في إسقاطها فإن ذلك قد ينجر عنه حلّ البرلمان نفسه والذهاب نحو إعادة الانتخابات النيابية كما ينص على ذلك الدستور التونسي. وفي هذه الحالة أيضا سيكون من الصعب على بعض الكتل السياسية وخاصة تلك التي تسببت في سقوط حكومة الجملي السابقة أن تحقق نفس العدد من المقاعد التي حققتها في الانتخابات السابقة.
تجد الأحزاب السياسية نفسها أمام خيار صعب قد يتسبب لها في خسارة كتلتها البرلمانية نهائيا ويفرض إعادة توزيع الأوراق بشكل لن يكون في صالح قوى الثورة المضادة التي تعمل على تعطيل المسار الانتقالي في تونس. بناء على ما تقدم تكون الحكومة الجديدة التي لم تتشكل بعد حكومة المنعطف الأخير قبل دخول البلاد في فرز سياسي قد يغير المشهد التونسي بشكل كبير.
بقلم: محمد هنيد
copy short url   نسخ
23/01/2020
2113