+ A
A -
الحدث الأبرز في المنطقة العربية وخاصة في ليبيا اليوم هو تفعيل اتفاقية الدفاع المشتركة بين حكومة الوفاق الوطني المعترف بها ودولة تركيا التي جاءت إثر تطور الأوضاع التي عرفتها العاصمة طرابلس خلال الأشهر التسعة المنقضية. الحضور العسكري التركي قلب كل الموازين وأربك كل الحسابات الدولية والإقليمية المراهِنة على المشروع الانقلابي بقيادة الجنرال المتقاعد خليفة حفتر.
فشل المشروع الأوروبي الذي كانت تقوده إيطاليا وفرنسا على واجهتين الأولى سياسية والثانية عسكرية عبر القوات والدعم المتواجدين على الأرض وعجزه عن تحقيق الأهداف المنتظرة منه، ليس أدل على ذلك من المحادثات الأخيرة بين روسيا وتركيا وقد أرغمت طرفي النزاع على التفاوض من أجل تثبيت وقف إطلاق النار. وليس مؤتمر برلين المزمع عقده يوم 19 يناير الجاري إلا محاولة أوروبية أخيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ومنع انفراد الروس والأتراك بالملف.
هذا الوضع الجديد هو أيضا دليل على حالة الموت السريري التي تعاني منها المنظمات الرسمية العربية وعلى رأسها جامعة الدول العربية التي اقتصر اجتماعها الأخير على التنديد بالتدخل التركي متناسية كل الأطراف العربية والدولية المتورط في المشروع الانقلابي.
صحيح أن حفتر قد نجح في اكتساح أجزاء كبيرة من التراب الليبي لكنها باستثناء مدينة بنغازي ومدينة سرت التي سقطت مؤخرا فإنها تعد مناطق صحراوية غير مأهولة. صحيح كذلك أن حفتر أربك المشهد الانتقالي كثيرا وأحدث ضررا بالغا بالمسار الذي أعقب سقوط القذافي وراهن على بناء الدولة المدنية. لكنه لم ينجح في ذلك بقوات دفع ذاتي ولا بفضل قدراته العسكرية والسياسية وإنما تمكن من تحقيق ذلك بفضل القوات والمليشيات والمرتزقة التابعيين له والإسناد المخابراتي واللوجستي من قبل القوات الفرنسية.
في الجوار التونسي تتسارع اللقاءات والمواقف والتصريحات بعد زيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى تونس عقب زيارة الرئيس التركي وكذا زيارة وزير الخارجية الإيطالي. أما في الجزائر فقد أعربت مؤسسة الرئاسة عن دعمها للحكومة الشرعية ورفضها تمدد الفوضى في المنطقة الغربية لليبيا.
كل هذه المعطيات تؤكد أن الحل العسكري قد سقط .
بقلم: محمد هنيد
copy short url   نسخ
16/01/2020
1751