+ A
A -
ارتكبت القوى الانقلابية على الحكومة الشرعية في ليبيا مجزرة مروعة يوم الأحد الماضي مخلفة أكثر من ثلاثين قتيلا وعددا من الجرحى بين طلاب مدرسة الهضبة العسكرية في طرابلس. تأتي الجريمة في إطار تصعيد غير مسبوق من قبل المحور الانقلابي في الشرق الليبي والذي يعمل على إعادة إنتاج النظام العسكري الذي أسقطته ثورة فبراير.
الجريمة على قدر كبير من البشاعة خاصة بعد الصور الحية التي التقطتها عدسات التسجيل لحظة سقوط الصاروخ على مجموعة من الطلبة كانوا يؤدون تمارين المشي المسائية داخل أسوار كليتهم. لكن رغم كثير من التعتيم الإعلامي العربي والدولي على الجريمة المرتكبة فإنها توحي بأن المعسكر الانقلابي يعمل بكل قوته من أجل إحداث أكبر قدر ممكن من الأذى والترويع في صفوف المدنيين. فقد باءت كل محاولات الجنرال حفتر للاستيلاء على العاصمة بالفشل الذريع منذ بدأ المشروع الانقلابي حيث خرج الجنرال المتقاعد وأسير حرب تشاد السابق إلى العلن معلنا عن بداية طور جديد من أطوار الأزمة الليبية.
رغم كل تعقيدات المشهد الليبي بسبب تورط أطراف كثيرة داخله وبسبب عجز الليبيين عن تكوين جبهة وطنية موحدة قادرة على إنقاذ المسار الذي أعقب الثورة وسقوط نظام القذافي فإن المشهد العام يكاد ينقسم قسمين: قسم مشرقي يعمل ضمن مشروع انقلابي مدعوم أقليميا ودوليا وعاصمته بنغازي وقسم مغربي يحظى بشرعية دولية ويعمل على تحقيق دولة مدنية والخروج من خندق العسكر وعاصمته طرابلس.
لكن التطورات الأخيرة التي تمثلت في اتفاقية الدفاع المشتركة بين حكومة الوفاق الوطني وبين دولة تركيا شكلت منعرجا حاسما في مسار الأزمة الليبية وشكلت تهديدا للمشروع الانقلابي. هذا التطور الأخير هو الذي يفسر سبب التصعيد الأخير الذي لا يقتصر على الهجمات العشوائية بل يظهر كذلك على مستوى الإمدادات الخارجية التي تصل إلى المعسكر الانقلابي.
يأتي التدخل التركي في إطار شبكة معقدة من الحسابات الإقليمية حيث تعمل تركيا على حماية مجالها المتوسطي التاريخي.
بقلم: محمد هنيد
copy short url   نسخ
09/01/2020
1828