+ A
A -
في مثل هذا اليوم من العام 1816م اخترعَ الطبيب الفرنسي «رينيه لينيك» السمَّاعة الطبية، وقبل ذلك الوقت كان الأطباء يضعون آذانهم على صدور المرضى لسماع دقات قلوبهم!
على أن اختراع السمّاعة الطبية ينطبقُ عليه المثل العربي الشهير: رُبَّ رميةٍ من غير رامٍ! ففي ذلك اليوم استُدعي «رينيه» لِفحص فتاة تُعاني من مرضٍ في قلبها، وعندما همَّ بوضع أذنه على صدرها ليسمع دقَّات قلبها رفضتْ الفتاة ذلك، فالتفتَ «رينيه» حوله فوجد صحيفةً فقام بِلفِّها على شكل أسطوانة، ووضع طرفها على صدر الفتاة والطرف الآخر عند أذنه، وكم كانت دهشته عظيمة عندما اكتشف أنه يسمع نبضات قلبها بشكل أوضح! وما إن فرغ من فحصها حتى كانت فكرة السماعة الطبية قد اختمرتْ في رأسه، فعاد فوراً إلى بيته، وصمَّم بمُساعدة نجار أول سمّاعة طبية في التاريخ، ثم تطوَّر شكل السماعة الطبية ليصل إلى الشكل الذي هو عليه!
والشيءُ بالشيء يُذكر، فإنَّ كثيراً من القصص التي تُروى عند بداية اختراع الآلات، واكتشاف الأشياء ليستْ على مستوى عالٍ من الدقة، فعلى سبيل المثال فإنَّ سقوط التفاحة الشهيرة على رأس إسحاق نيوتن ممَّا أدى إلى اكتشافه قانون الجاذبية ليستْ قصة دقيقة، فلم يروِها نيوتن في أيٍّ من كتبه، ولم يذكرها في أي من محاضراته، وإنما نقلها عنه بعض تلامذته الذين لازموه والأرجح أن نيوتن إنما ضَرب سقوط التفاحة كمثال بسيط على فكرة الجاذبية وليس على أنّها الشرارة التي أشعلتْ انتباهه، وإلا فإن نيوتن كان شغوفاً بالفيزياء، وحركة الأجرام السماوية، وعوامل الجذب في سن مبكرة من حياته، وعلى ما يبدو أنه اهتدى لقانون الجاذبية من خلال هذه الأشياء لا من خلال سقوط التفاحة التي لم تسقط على رأسه كما تقدَّم!
أعجبني مرةً تعريف قرأته عن الحظ يقول: الحظ هو التقاء الاستعداد مع الفرصة! إن عقل «رينيه» وشخصيته الابتكارية كانا مُهيَّأين للتعامل مع المُستجِدات فلمَّا جاءت الفرصة تم اختراع السماعة الطبية، وكذلك لو افترضنا جدلاً أن التفاحة سقطت على رأس نيوتن فالفضل لعقل نيوتن لا للتفاحة، وإلا فالتفاح يسقط عن الشجر منذ فجر التاريخ ولكن الفارق أن الجميع كانوا يقولون: لقد سقطت التفاحة، أما نيوتن فسأل: لِمَ سقطتْ التفاحة؟!
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
21/12/2019
1908