+ A
A -
في هذه الايام الفضيلة القليلة يتغاضى الكثيرون عن الاساءات والاخطاء والمنغصات ويستعينون بجملة «اللهم أني صائم» ويتذكرون قول الله تعالى: «ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي احسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم» وفي هذه الايام الفضيلة القليلة يحاول الكثيرون السير على نهج سيد الخلق سيدنا «محمد» عليه أفضل الصلوات في التسامح ورقة الطبع حسب قدراتهم، البعض يصمد حتى نهاية الشهر والبعض الاخر لايام وربما لساعات، ولعل مجاهدة النفس والتطبع بأمور جديدة، وصفات جديدة وحميدة من أشق الامور على المرء،خاصة حين يقتصر الامر على شهر واحد في العام..شهر «رمضان»..شهر يظهر خير ما فينا،أن شئنا طبعا. في عام 1975 نشر مجلس المدارس البريطاني تقريرا طلب فيه من المعلمين في المرحلة الابتدائية تصنيف 72 هدفا تربويا من حيث الاهمية التي يراها كل منهم،وجاء على رأس هذه الاهداف انجاب اطفال سعداء ومرحين ومتزنين نفسيا،أما القراءة بفهم.والقراءة الخالية من الاخطاء فجاءتا في المرتبتين الثانية والرابعة،ومن بين الاهداف التي احتلت المراتب العشر الأولى اكتساب القيم الاخلاقية، والاستمتاع بالعمل المدرسي،وتعلم العادات الحسنة والتسامح،أما الحساب فاحتل المرتبة الخامسة عشرة،وجاء اكتساب المعلومات من الكتب المقروءة في المرتبة الثلاثين،وفي أسفل القائمة تم ذكر اتقان اللغة المكتوبة والثقافة العامة والمهارات اليدوية والعلوم والموسيقى واللغات الاجنبية،وهي المواد التي تتجلى فيها مهارة المعلم،ويشير هذا التقرير إلى ان ثمة كثيرا من المفاهيم الخاطئة استمدها المعلمون العصريون من «التربية الحديثة» التي تم تلقينها لهم من الكتب الاكاديمية والمعاهد والجامعات،ومن هذه الاخطاء أنهم لا يستطيعون التمييز بين ما يجب ان يكون وما يمكن أن يكون،فالواجب الخارج كليا عن نطاق الممكن هو من باب التخمين،اما ما هو مهم حقا ويجب ان تكون له الاولوية هو تلقين الطلاب التسامح.والتسامح أسمى مراتب التهذيب كما ذكرت «هيلين كيلر» وقديما حارب الرجال وماتوا في سبيل عقائدهم، ولكن مرت أجيال قبل أن يتعلم الناس المعنى الاخر للشجاعة،الشجاعة في تفهم رباط الاخوة، واتباع صوت الضمير، فالتسامح هو الدعامة الأولى في بناء الجماعة،انه الروح التي تحقق أفضل ما يفكر فيه الناس أجمعون،وما ازهقت خسائر الصواعق والفيضانات والحوادث والحروب،وقوى الطبيعة كلها من الاوراح والمشاعر النبيلة بقدر ما أزهق الغضب والحقد والحسد والاضطهاد من أرواح.
بقلم : وداد الكواري
copy short url   نسخ
26/06/2016
1285