+ A
A -
منذ ثورة فبراير وميليشيات الانقلابي المتمرد على الشرعية خليفة حفتر تحاول السيطرة على العاصمة طرابلس، لكن دون جدوى. بدأت مغامرات أسير الحرب السابق منذ فجر ثورة فبراير نفسها حيث أرسلته الجهات التي كان يعمل لصالحها لاختراق نسيج الثورة العسكري بعد اختفاء قيادات عسكرية كبيرة في ظروف غامضة.
توغل المتمرد في النسيج الاجتماعي مستندا إلى طبيعة البنية القبلية للبلاد وتمكّن في الأيام الأخيرة حين شارف القذافي على السقوط من التموقع داخل مدينة بنغازي يعدّ العدة للمشروع الانقلابي. لكن اللافت في المشهد الليبي هو عجز دول المغرب الكبير عن لعب دور أساسي في ملف يهمها هي بالدرجة الأولى، فليبيا عضو في اتحاد المغرب العربي. فتونس المنشغلة بمسارها الانتقالي لم تنجح في أن تكون لاعبا أساسيا في المشهد الليبي بسبب هشاشة بنيتها المركزية وانقسام مكوناتها السياسية حول المشهد الليبي. أما الجزائر التي تعتَبر الخاسر الأكبر من انتصار الانقلابي حفتر فإنها لا تلقي بالا لما يحدث على حدودها الجنوبية الشرقية وهي المنشغلة بمشاكلها الداخلية وموجة الاحتجاجات التي لم تتوقف منذ أشهر. وإذا كانت موريتانيا في وضع ضعيف فإنّ المغرب هو البلد المغاربي الوحيد الذي حاول لعب دور إقليمي ملموس عبر مؤتمر الصخيرات لكن دون بلوغ القدرة على تحقيق إنجاز على الأرض.
أمام إصرار اللواء الانقلابي على دخول طرابلس وأمام انكشاف طبيعة الحرب على عاصمة الدولة وظهور الأطماع الإقليمية والدولية من أجل وضع اليد على سيادتها وثرواتها، فإن الحرب في ليبيا تنطق اليوم عن مخطط أكبر يستهدف كامل المنطقة المغاربية. إن نجاح المشروع الانقلابي في ليبيا يعني تمدد المشروع الانقلابي ووصول يد الفوضى إلى كامل شمال إفريقيا وهو ما يحوّل الطرف المشرقي من الجسم المغاربي إلى ساحة مفتوحة على كل احتمالات الفوضى والعنف.
ليست ليبيا في عُرف الانقلاب ومموليه إلا قطعة كعك كبيرة تسعى مجاميع التوسّع والنهب الاقليمية والدولية إلى وضع اليد عليها عبر تنصيب وكيل استعماري جديد هناك. لقد ثارت ليبيا على نظام القذافي وانتصرت وها هي لا تزال تقاوم وريثه حفتر بشكل سيجعل من انتصارها عليه وعلى ميليشياته تصفية نهائية للمشروع الاستبدادي في ليبيا وفاتحة طور جديد في تاريخها وتاريخ شعبها.
بقلم: محمد هنيد
copy short url   نسخ
12/12/2019
1750