+ A
A -
وأعدوا لهم ما استطعتم...
أنا ذاهب لأصلي.. أقام المؤذن الصلاة على عجل، أسرعت الخطى.. وقفت في الصف الثاني، قلت: آمين، مرددا مع المصلين بعد أن أنهى الإمام قراءة الفاتحة.. ربنا الحمد والشكر لك... همست بها بعد أن رفع الإمام جذعه العلوي من الركوع، ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين... تمتمت بها بعد ان كبَّر الامام منهيا سجود الركعة الأولى، في الركعة الثانية كنت خلف الإمام بجسدي أقول آمين، وأركع وأسجد، وأسبح ربي الأعلى، وأسبح باسم الله وبحمده، لكن عقلي لم يكن معي.
آمين.. قلتها للمرة الثانية، لأجد نفسي أحمل سيفي في مواجهة الحجاج في شعاب مكة.. بعد أن رفض أوامر الخليفة في دمشق بعد أن استخدم المنجنيق في ضرب أول بيت وضع للناس ومحاصرة المكيين الآمنين مع خليفتهم عبدالله بن الزبير بن اسماء بنت أبي بكر آمين.. وركعت، ورفعت رأسي، لأجد نفسي في حي المنصور أذود عن امرأة عراقية يحاول جندي أميركي جرجرتها إلى غرفة مظلمة يدعي ان فيها مقاومين، ويريد المرأة درعا بشريا تحميه وإذا لم يجد في الغرفة المظلمة ما يبتغي يفعل ما يشاء في تلك المرأة المرعوبة التي كانت تصرخ: أطفال، لا يوجد كبار، فيجرها من كتفها.. أطفال أطفال.. والذعر يملأ قلبها والحزن يملأ وجهها.
آمين وسجدت.. فقفزت هنادي جرادات ببنطالها «الجينز» الذي ترتديه للمرة الأولى من أجل التمويه لتستطيع تنفيذ العملية في مكسيم الاسرائيلي في حيفا.. لماذا أنت صرخت في وجهها عودي.. سنعد لهم ما استطعنا من قوة ليس هناك إلا جسدي.. قالت.. وأضافت ليس هناك ما أستطيع أن أثأر به لقتل شقيقي على أيدي القوات الصهيونية الاسرائيلية القاسية سوى جسدي.
«وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل».. قرأ الإمام في الركعة الثامنة معلنا ختام صلاة التراويح.. ماذا أعددنا لمواجهة «شالوم» في القدس، وماذا أعددنا لمواجهة «مايكل» في بغداد.. وماذا سنعد لمواجهة «جوزيف» في دمشق، وايضا ماذا سنعد لمواجهة «كوندا» في طهران.. و«ليزا» في الرياض.
كبَّر الإمام معلنا صلاة الشفع. ركعتين.. تليهما ركعة وتر، نرفع أيدينا نبتهل إلى الله أن يغفر للمؤمنين.. وأي مؤمنين، فإذا كان الحجاج مؤمنا، واذا كان ابن أبيه مؤمنا، وإذا كان.. وكان، وكان هؤلاء يعتبرون أنفسهم مؤمنين فلن تصل دعوانا إلى رب العالمين.
«وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل».. ترن في أذن ممزوجة مع صوت ذلك العجوز الفلسطيني الذي قرر العودة إلى فلسطين ليقدم ما استطاع من قوة، وحين سألته، وما لديك، فقال جسدي.. ليس لدينا في هذه المعركة سوى أجسادنا.. فلا يوجد لدينا ما نعده لكي نرهبهم به ونكف شرهم عنا.. توقفت عند قوله هذا، وسألت: هل أفهم أن إعداد القوة هو للردع السلمي؟ فقال نعم، لو علموا أن لدينا قوة فلن يجرؤ أحد منهم أن يقتحم حدودنا، فالمسلمون لم يعدوا ما استطاعوا من قوة من اجل «التخويف» فقط، فلهذا تداعت عليهم الأمم. وما أعده شعب فلسطين هو الاجساد لتذود عن هذه الأمة لتفتح أبواب القدس للمصلين الذين يرددون وراء فيروز، فلتفتح أبواب مدينتنا فأنا ذاهبة لأصلي.. ومنذ خمسين عاما وفيروز تغني، ولم تفتح ابواب القدس لها ولا للمؤمنين.
الله اكبر.. صلاة الوتر.. عدت بجسدي إلى الصف قلت آمين.. سبحان ربي العظيم،. سبحان ربي الأعلى.. اللهم إني أعوذ باسمك العظيم وسلطانك القديم من الشيطان الرجيم.. وأعوذ بك من أمة لا تقرأ، وإن قرأت لا تفقه.. كتابها يقول «وأعدوا لهم».. ولا أحد يفكر لماذا وكيف ومتى تعد العدة.. آمين.. آمين.. نقولها خلف الإمام وقلوبنا وأرواحنا وعقولنا ليست خلف الإمام.. فلا حول ولا قوة إلا بالله.
لنذهب لصلاة القيام في العشر الأواخر من رمضان ولندع لعل دعوانا تصل إلى العرش طالبين أن يغير الله حالنا إلى حال أفضل.

بقلم : سمير البرغوثي
copy short url   نسخ
26/06/2016
761