+ A
A -
في الوقت المناسب وفي ظل الأوضاع المأساوية التي تعاني منها الكثير من الشعوب الإسلامية والأقليات المسلمة شرقًا وغربًا، جاء إعلان رئيس الوزراء الماليزي «مهاتير محمد» الأسبوع الماضي عن تشكيل قمة إسلامية مصغرة تضم خمس دول هي ماليزيا وقطر وتركيا وإندونيسيا وباكستان، وأشار إلى أنها ستعقد أول اجتماع لها في 19 ديسمبر في العاصمة الماليزية كوالالمبور، وجاء إعلانه هذا في حفل تعريفي بـ «قمة كوالالمبور 2019»، وهو ما قد يمثل انطلاقة جديدة وجدية لبناء تحالف إسلامي قوي يسهم وبشكل فعال في أن يكون للدول الإسلامية تأثير فعال على الساحة الدولية بما يضمن لها الوصول والحفاظ على استقلاليتها ومصالحها وحقوقها في ظل عالم لا يتكلم أو يعترف إلا بلغة المصالح والتي لا بد لها من قوة تحميها.
وكان رئيس الوزراء الماليزي واضحًا منذ البداية حول أسباب وأهداف عقد القمة المصغرة في ما بدت وكأنها خطوة استباقية ومبكرة لصد الهجوم المتوقع من بعض الدول والأطراف التي قد تهاجم تلك الخطوة الضرورية والملحة بالأخص في الوقت الحالي وترى فيها تهديدا لكيان بعينه أو السعي للحل محله، حين ذكر أن 450 من القادة والمفكرين والمثقفين من العالم الإسلامي سيشاركون في القمة التي ستتمحور حول دور التنمية في الوصول إلى السيادة، وتتناول ملفات هامة مثل الدفاع والتنمية الاقتصادية والثقافة والحرية والعدالة، إضافة إلى مواكبة التكنولوجيا الحديثة.. وشدد على أن تلك القمة المصغرة لن تكون بديلًا عن منظمات دولية مثل منظمة التعاون الإسلامي، وأشار إلى إمكانية انضمام المزيد من الدول للقمم المقبلة، وكأنه يريد القول إن جهود الدول الخمس ستكون مكملة لغيرها وليست بديلًا لها وأنها تسعى لإثبات أن الدول الإسلامية يمكنها تحقيق أفضل النتائج لو توحدت جهودها وتقاطعت أهدافها واستثمرت بشكل صحيح مواردها وامكانياتها.
يأتي عقد القمة الإسلامية بينما يتعرض الإسلام كديانة والمسلمين كشعوب وأعراق للاستهداف والاضطهاد في الكثير من الأماكن والدول مثل فلسطين المحتلة وإقليم كشمير وميانمار -الروهينغيا- وإلايغور في- تركستان الشرقية - الصين وسوريا وليبيا على سبيل المثال لا الحصر وفي الغرب تزداد معاناة الأقليات المسلمة في ظل ارتفاع المد اليميني والشعبوي المتطرف نتيجة خطاب سياسي وإعلامي يتعامل بازدواجية فاضحة مع الإسلام كديانة والمسلمين كأقليات في الغرب، فحين يقوم شخص مسلم بعمل أو تصرف جيد تجد الإعلام والكثير من الساسة يمتدحون الفرد وحده دون دينه، وحين يقوم متطرف ما بعمل إرهابي مهما كانت دوافعه والتي لا تكون دينية في أغلب الأحيان تشن عبر العديد من وسائل الإعلام وعلى ألسنة الكثيرين من اليمين وأنصاره وساسته الهجمات المتواصلة على الإسلام ككل وتلصق به وبأتباعه كافة كل تهمة ونقيصة ويتهمون جميعًا بلا استثناء بالرجعية والتطرف دون النظر كثيرًا لأسباب أو دوافع الهجوم الحقيقية والتي لا تمت للإسلام أو تعاليمه السمحة بأي صلة ولكن كما يقولون فالغرض مرض، وهناك التناقض العجيب، فبينما يتربع الإسلام على القمة كالديانة الأكثر انتشارًا واتباعًا في العالم بعدد يفوق المليار ونصف المليار مسلم نجد أن غالبية الصراعات والمشاكل والأزمات ونسب الفقر والحروب تدور رحاها في الدول الإسلامية وأيضًا تتركز فيها الثروات والمقومات والموارد التي لو استغلت بالشكل الصحيح لجعلت الدول الإسلامية في المقدمة من حيث التقدم والتأثير بمختلف أشكاله ووسائله والرفاهية بشتى سبلها.
وبالنظر للدول الخمس المشاركة في القمة المرتقبة وإمكانيات كل منها تجد لديها من المقومات والوسائل ما يجعلها تكمل بعضها البعض، حيث مجموع سكان الدول الخمس مجتمعة يبلغ قرابة الـ 550 مليون نسمة وهناك دولتان أعضاء في مجموعة الـ G20 لأكبر اقتصادات العالم وهما تركيا وإندونيسيا.
بالإضافة للطفرة الاقتصادية الواضحة لماليزيا في العهدة السابقة لمهاتير محمد كرئيس للوزراء .
{ (يتبع)
بقلم: جمال الهواري
copy short url   نسخ
29/11/2019
1956