+ A
A -
القرار الأميركي رغم رمزيته لكنه يحمل دلالات كثيرة أخطرها هو الانحدار غير المسبوق في الموقف الأميركي في عهد الرئيس ترامب عن سابقيه ويبدو أن إداراته تخطط لجعل كل مستوطنة في الضفة الغربية والبالغ عددها 130 مستوطنة رسمية -حسب وجهة النظر الإسرائيلية- ومثلها غير رسمي موضع نقاش وجدل ومفاوضات ضمن مخطط مرسوم بدقة لتصبح المفاوضات هي الطريق الوحيد واللامنتهي أمام الفلسطينيين، فمن المطالبات بكامل فلسطين من 1948 وحتى السبعينيات ثم عودة الوضع إلى ما قبل 5 يونيو 1967 منذ السبعينيات وحتى التسعينيات ثم المطالبة بتطبيق بنود اتفاق أوسلو 1993 منذ توقيعه وحتى يومنا هذا رغم تضمن بنوده على اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بسيادة إسرائيل على 78% من مساحة فلسطين التاريخية ثم إعلان الرئيس دونالد ترامب غير المسبوق في فبراير 2017 وبعد شهر واحد من توليه الحكم أن واشنطن لم تعد متمسكة بحل الدولتين في نسف صريح للنهج السياسي والدبلوماسي الأميركي المتخفي خلف قناع الوسيط واعترافه الكارثي بالقدس عاصمة لإسرائيل في ديسمبر 2017 ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس في مايو 2018 بالتزامن مع الذكرى السبعين للنكبة واستشهاد عشرات الفلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي على حدود قطاع غزة وقطع الدعم عن الأونروا وإغلاق مكتب البعثة الفلسطينية في واشنطن ثم مكتب القنصلية الأميركية لشؤون فلسطين في القدس وضمه للسفارة الأميركية ثم مايو 2019 وإعلان كوشنر صهر ومستشار ترامب تجنب ذكر حل الدولتين وإعلان السفير الأميركي في إسرائيل ديفيد فريدمان حق إسرائيل في ضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة ووصولًا لإعلان بومبيو الأخير والذي يبدو أنه قد جاء بمثابة مصلحة متبادلة لحشد اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة لمؤازرة ترامب الذي بات في وضع لا يحسد عليه سواء بالمضي قدمًا في إجراءات عزله أو انخفاض حظوظه في الانتخابات القادمة في 2020 وأيضًا وأيضا منح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو دفعة تساعده في محاولاته المستميتة للبقاء في الساحة السياسية الإسرائيلية بعد فشله في تكوين حكومة ائتلافية بعد جولتين من الانتخابات غير الحاسمة، وأيضًا يساهم في الترويج لما يمكن تسميته بسياسة الاستعراض الفج للقوة الأميركية والانفراد بالقرار السياسي الدولي خصوصًا في منطقة الشرق الأوسط حيث إن القرارات الأميركية والتوجهات الترامبية في اتجاه وباقي الرأي العام العالمي في اتجاهات أخرى.
بالتزامن مع هذا جاءت إصابة المصور الفلسطيني «معاذ عمارنة» لإطلاق رصاصة في عينه اليسرى من قبل قناص إسرائيلي خلال تغطيته لمواجهات في إحدى بلدات مدينة الخليل يوم الجمعة الماضي ثم استئصالها بعد 5 أيام للحفاظ على العين الأخرى ومنع النزيف وما إن وقعت الحادثة حتى انتشرت واتسعت موجة من التصامن معه لتشمل سياسيين ورياضيين وإعلاميين من مختلف الدول العربية والأجنبية، وعلى المستوى الشعبي شهد تعاطف وتضامن واسع على وسائل التواصل الاجتماعي وصولًا لملاعب كرة القدم التي يعبر جمهورها عن عموم الشعب بعيدا عن الاختلافات أيًا كانت تصنيفاتها أو أسبابها ويأتي الهتاف الهادر من أجل فلسطين ليبرهن ويؤكد ويثبت للجميع أن فلسطين هي القضية المركزية للعرب والبوصلة الموحدة لقلوبهم وأفئدتهم وأنه كما اتفق الخصوم الدوليين والقوى الغربية على دعم إسرائيل وعدم بذل أدني جهد لتطبيق عشرات القرارات الدولية التي تنص على بعض الحقوق الفلسطينية فقد اتفقت الشعوب على بقاء القضية حية وفي الواجهة مهما يحدث .
بقلم: جمال الهواري
copy short url   نسخ
23/11/2019
1406