+ A
A -
بعضُ الناس يُنْفِقُون الوقتَ والأموال الطائلة وهم يَحجُّون فرادى وجماعات إلى بلاد الأنوار التي تُشجع على الاعتقاد بالوهم الذي يَدَّعِي أنها تَردّ الاعتبار لصَرح الشباب المنهار، هؤلاء كُلُّهُم أمل في إعادة رَسْم خريطة الوجه بما فيه من شفاه وخدود وما إلى ذلك من أرداف ومؤخرات وفجوات وحفر تحتاج إلى رَدم بالاسمنت..
كل هذا لماذا؟! لا لشيء سوى لإقناع خصومهم بأن أجسادهم تتفجر جمالا، مع أن واقع الحال يقول إن الجمال بريء من افترائهم لولاَ إسعافات البوتوكس والفيلر والسيليكون الملعون ذاك الذي يَحْشُو به الْمُجَمِّلُون كل ما غاب عن النساء مما يَعِد به الجمال الرَّبّاني الذي يتفوق على الورد في الحسن والطَّرَاوة والإثارة التي لا تَضرب لك موعدا مع تَبعِات تكاثر الخلايا المسرطنة.. إنها صيحة السياحة التجميلية.
في المقابل، تَحجّ دفعة أخرى من الناس إلى المناطق التي أصبحت تُشكل بُؤرا للفساد العقائدي وهي تُرَوِّج لوَهم دولة الخلافة الحالفة أن تُعيد ترتيب أوراق المغَيَّبِين عن زمن اليقين في الدِّين..
ولا غرابة أن تكون هذه السياحة الدينية تَوَّاقة إلى التصويت على ما يَدْعُو إليه مَن يجتهدون في التلاعب بالدِّين في ظِلّ التطرف الذي يُخْفِق في قراءة النص القرآني حَقّ قراءته قبل العمل بمقتضى تفسيره تفسيرا مضلِّلا لعقول الشباب وغيرهم من المجنَّدين لإلحاق العار بالإسلام والمسلمين..
إنه شيء مما يُنذر بالآثار الوخيمة المترتبة عن فشل السياسة الدينية عند هؤلاء الذين ما آنَ لهم أن يَفهموا الدِّينَ حق فهمه قبل أن يُفَصِّلوه على مقاسات سراويل عقولهم القصيرة والقاصرة بعيدا عن أمَل انتصارها في مَعركة الوعي..
غير أن الذَّوَّاقين مِن الناس هُم الذين ارْتَأَوْا أن يحققوا على الأرض حُلْمَ السياحة العاطفية.. إننا نتحدث عن أرواح ونُفوس حالمة هامَ بها الحنين شوقا إلى كل ما يُذَكِّرُهم بزمن الحُبّ الجميل..
ولا غرابة أن يكون للهند هنا حظ الأسد من الوفاء لدِين الحُبّ، كيف لا وثمة تحفة فنية ثمينة في ميزان الإحساس نظرا لكونها تُخَلِّدُ في ذاكرة الناس أسطورةَ العلاقة الإنسانية والعاطفية الأكثر من رائعة وهي تُتَوِّج قصةَ عبادةٍ من نوع آخر رَبَطَتْ قلبَ الامبراطور «شاه جيهان» بزوجته الغالية «ممتاز محل» تلك التي مازالت مَعْلَمَة «تاج محل» تَنْبُض بذكراها..
ولْتُثَمِّنْ يا صديقي كيف يعقل أن يتحول قبرُ الزوجة الجَمَّاع لدموع الزوج إلى قطعة فنية من المرمر المطِلّ على النهر..
عن هذا الحُبّ الذي كان وأَيْنَعَ وأَزْهَرَ وأَثْمَرَ، عن عبق الذاكرة العاطفية ها هي تحدثنا «تاج محل» حالفة أن تضرب للعشاق مواسم يَنساب فيها الدمعُ الرَّقْرَاق تأثرا بقصة غَرام تعلم الرجال كيف يَجدر بالواحد منهم أن يُعَوِّلَ على المرأة التقِية الوَرِعَة تلك التي أَهَّلَتْهُ ليُصَيِّرَهُ حُبُّه لها عنوانا عريضا في كتاب التاريخ الذي لا يَسمح بمساحة لِصُنَّاع التفاهة..
إنه الحُبّ المشروط بركائز الدِّين، الحُبّ المقَيَّد بدعامات حِس العقيدة المتين ذاك الذي يُحَفِّزُ على البِناء والفِعل بِسَخاء في غير زمننا الذي تَمَدَّدَتْ فيه المسافات بين القول والعمل..
نَعَم يا صديقي، إنها المرأة الصانعة لِرَجُل التاريخ، المرأة التي سَخَّرَت قانونَ العاطفة لخدمة الرجال الأبطال، ومِن ثمة حُقَّ للأجيال أن يَنصبوا للحُبّ هذا التمثال، إنه «تاج محل» لسان العاطفة..
نافِذَةُ الرُّوح:
- «بينَ العقل والقلب عينٌ وازِنَة».
- «لَمْسَة حَنون تَشُقُّ الحَجَرَ».
- «رَتِّبْ أشواكَكَ قبل أن تَصنعَ ذاكرةَ الورد».
- «رَطِّبْ شِفاهَكَ قبل أن تَسمحَ بمرور كلمةِ حُبّ».
- «طفولةُ المشاعِر أَلَذًّ ما في زمنِ الحُبّ».
- «وحدها المرأةُ تُوقِظُ الطِّفلَ النائمَ في أعماق الرَّجُل».
- «نَامِي، نامِي يا مَشاعِرَه أَوَانَ استِفاقَةِ مارِدِ الغيرة».
بقلم: سعاد درير
copy short url   نسخ
14/11/2019
2368