+ A
A -
هُناك قاعدة نَفْسية تُضْمِرُ شيئا مِن الغرابة في مَنْطِقِها لكنها تُقْنِع الرَّائي بشيء مِن التأمل الذي يُفْضِي إلى ساحة اليقين.. وتتحدث القاعدة هذه عن تَعَلُّق الأَب بابنته، في مقابل تَعَلُّق الأُمّ بابنها.
مِن الطبيعي أن تَنتابَكَ مَوجةُ إحساس بالحيرة يا صديقي قبل أن تُجَرِّبَ أن تَستوعب هذه الحقيقة، لكنْ مع شيء من الاستعداد النفسي والتوسُّع في الفكرة لا شك في أنك ستَتَقَبَّل الأَمْرَ، بل ستُؤْمِن به..
وهُنا، لاحِظْ يا صديقي أن الكثير من الناس يُحاول جاهدا أن يُشَوِّهَ بياض المعنى وهو يَرتدي جُبَّةَ الْمُفْتي لِيُفَسِّر بالخطإ حقيقةَ «النساء ناقصات عقل ودين» مُتَّهِماً المرأةَ المسكينة بقُصورِها وقِصَرِ قامَتِها في الْمَنْحى الفكري والْمَنْحى الديني بالْمِثْل..
ذَكِّرْ نَفْسَك أن هذه المرأة هي أُمُّك وزوجتك وابنتك وأُختك، وما كنتَ، ما كُنْتَ يوما لِتَنْتَقِصَ شيئا منها لو كانت مِنك وإليك !!
أَمَّا القصد مِن المحمول الدلالي السابق، فهو أن المرأةَ تَحْظَى بعُطلة دينية في فترة الدورة الشهرية التي تَجعل المرأةَ الحائِض مُعْفاةً من إقامة الصلاة، كما تَجعلها بالْمِثْل مُعْفَاةً من الصيام في شهر رمضان..
وفي ما يَخُصّ العقل، فَصَدِّقْ، صَدِّقْ يا صديقي أن المرأة أحيانا قد تَكون أَعْقَل مِنكَ ومِنِّي، وما قِيلَ إنها ناقصةُ عقلٍ سِوَى لأن العاطفة الشَّقِيّة تُسيطر عليها، فَتَكون الكلِمةُ الأولى للقلب بعد أن يَنْكَمِشَ فَمُ العقلِ انكِماشَ شِفاهٍ يَجْلِدُها الحِرمان، إنه العقلُ ذاك الذي يَبْتَلِعُ شَفَتَيْه ويَتَوَارَى في المواقِف العاطفية..
ولهذا كُنْتُ أُسِرُّ إليك يا صديقي بأَمْرِ تَعَلُّق الأَب بابنته بِحُكْم ما تَختزنه في صَدرها الرَّحْب مِن حَنان لا تَكْفِيه سماء ولا تَسْتَوْعِبُه مِساحة..
إِنَّ شَوْقَ الرَّجُل دائما إلى حضن أُمِّه يَجعله يَسْتَشْعِر شيئا منه في اليد الطاهرة التي تَمُدُّها له ابنتُه وهيَ تَمسح على وَجْهِه لِتُزِيلَ تَعَبَ الحياة، فما بَالك وهِيَ تُمَشِّطُ شَعره وتُذَكِّرُه في كل وقت وحين بِرُكْبَة أُمِّه التي كان يَتَوَسَّدُها هو المسكين في زمن سابِق مازالَ يَشْتَعِل إليه الْحَنِين..!
أَمَّا الأم، فلأنها امرأة فإنها تَعِدُ دائما بفَائِض من الحنان وسُيُول العاطفة، لكنَّ ما تَحتاج إليه هي، بِحُكْمِ أنها ضعيفة، هو سَاعِدُهُ القوي، إنه ساعِد الرَّجُل الذي يَحميها ويَقِف كجِدار في وجه الأخطار التي يُمْكِن أن تَتَرَبَّصَ بها..
إن المرأةَ تَتَقَوَّى بِابنِها وتَحْتَمِي به مُقْتَنِعَةً تَماما أنها صاحبة الفَضل عليه في صِناعة عَضَلاته التي تَدَّخِرُها هِيَ حَطَباً لِشِتاء العُمْرِ، ولو أنه جَرَّبَ أنْ يَرُدَّ لها شيئا مِن الرَّكلات التي كان يُسَدِّدُها في مَرْمَى بَطْنِها وهو جَنِين لَمَا أَفْلَحَ، لذلك فالأُمّ تُؤَجِّل رَدَّ الدَّيْنِ ذاك إلى زَمَن لاحِق تَخُورُ فيه ساقاها فلا تَجِدُ إلا أنْ تُعَوِّلَ على قَدَمَيْه هُوَ ورُكْبَتَيْه لِيَقيها شَرَّ غَدْرِ الزمن..
فَلْتَكُنْ لَها (الأُمّ) بَطَّاريةً ذاتيةَ التَّجَدُّد يا صديقي، ولْتَكُونِي لهُ (الأَب) يا صديقتي مَواسِمَ حَصاد تَعِدُ بِسنَابِل حُبٍّ ممتلئة لا تُشْقِي حَمَامَ السَّلام..
نافِذَةُ الرُّوح:
- «مُعْظَمُ ما يَخْرُجُ مِن ألفَمِ هو تَرْجَمَة لِمَا يَدْخُل مِن الأُذُنَيْن».
- «شَتَّانَ بين قُلوب تَشْتَعِلُ بالحُبّ وقُلوب تَشْتَعِلُ بالحِقْد والغيرة والأنانية!».
- «عِطْر يَقول لِعِطْر: كُلّ قارُورة حُبّ وأَنْتَ بِخَيْر».
- «بَيْنَ الأَمَل والأَلَم تَجربةٌ».
- «عندما يَرِنُّ هاتفُ الحُبّ تَطْرَبُ الأُذُن العاشقة».
- «أَصْدَقُ شهادةِ ميلادٍ تِلكَ التي يَكتبها مع أَوَّل النبضِ القلبُ التَّوَّاقُ إلى دَقَّةِ قلبٍ مُوازية».
- «عُدْ إلى وطنِكَ النُّورَاني يا مَلاكِي الصَّغير قبلَ احتِباس حرارة الأَنفاس».
بقلم: سعاد درير
copy short url   نسخ
31/10/2019
2477