+ A
A -
د. سعاد درير
تَأَمَّلْ معي هذا الْمَشْهَد العميق وقعه في ميزان المعنى:
سُئِلَ شيخ حكيم:
- «ما رأيناك يوما تعيب أحدا؟!»..
فَرَدَّ الشيخ بِوَقار أهل الحكمة الذين أُوتوا مِن العلم الشيء الكثير:
- «مازلتُ منشغلا بعيوبي»..
مَشهَد كهذا قَلَّما تُصادفه في حياتك اليومية يا صديقي، لماذا؟! لأننا عِوَضَ أن نَرقى بنفوسنا اللاَّمُطْمَئِنَّة مَرْقَى أن نَنأى بها عن العيب، إذا بنا لا نخرج عن أن نَكون أَهْلَ العيب نَحْنُ..
مُؤْسِف ومُخْجِل ومُحْرِج أن يعترف المرءُ بحقيقة كهذه، حقيقة يَسبقها دخان اشتعالها، لكنها الحقيقة..
فما أكثر، ما أكثر أن يَتسابق إنسان اليوم على تعداد عيوب الآخرين أولئك الذين يَزجّ بهم في صندوق «السكانِير» ليُشَخِّصَ أكثر من حالة عيب في سِواه، ومِن ثمة يُعَرّيه أمام الآخَرين..!
فاعلُ الشّرّ هذا الذي يعطي لنفسه الحق في أن يَفضح غيره إنما يَنسى هو أو يَتناسى أن هناك ربَّ العالمين، ربَّ الناس الذي لا تنام له عين، ربنا الذي من صفاته أنه سَتّار حَليم ورَحمان رحيم..
الحِلم أن تَرْأَفَ بِسِواك وتُشْفِق على سِواك وتَعطف على سِواك، وقبل أن تَمُدَّ عينيك الأَمَّارَتَيْن بالسوء إلى عيوبه لتَعدّها وتَحصرها وتُضَخِّمَها حدّ أن تَتَفاقم في عيون الآخرين، اُنْظُرْ إلى عيبك..
مَن أعطاك الحق لتَحكم على غيرك والله أحكم الحاكمين؟!
وأيّ شيطان سَوَّلَ لك أن تَنشغل عن عيبك بتَصَفُّح عيوب الآخَرين؟!
كُلّنا نَتفق على حقيقة مُسَلَّم بها ألا وهي أن الكمال لله، ولأن الأمر كذلك فإن مِن اليقين أن العيب لا يَنأى عنك يا إنسان، لذلك أَعِدْ النظر في فضولك وفَكِّرْ، فَكِّرْ في أن تنشغل بعيبك..
عِوَضَ أن تَكشف عُيوب الآخَرين حاوِلْ أن تَستر عيبَك، اُسْتُرْ عيبك بشيء من الإيمان وأنت تَعمد إلى لَيِّ عُنُق اللسان، فلا شيء، لا شيء سيُصَيِّرُكَ حطبَ جهنم أكثر مِن لسانك الذي يَجلد مَن لا حول له ولا قوة..
و«الله يخرّجنا من دار العيب بلا عيب»..
نافِذَةُ الرُّوح:
- «رَتِّبْ عيوبك بَدَلَ أن تتطاول على عيوب الآخَرين».
- «بكلمة طيبة أَطْفِئْ شيئا مِن ليل جهنم».
- «لسان الحق يَتَمَدَّد بالخير».
- «الطريق إلى الورد يَبدأ بشوكة».
- «فِنجان الطفولة أكثر حلاوة».
- «بين الشمع والدمع ليلٌ».
- «أَعِيديني إلى شَواطئكِ يا عينيه فَأَهِيم».
copy short url   نسخ
24/10/2019
3183