+ A
A -
أَبٌ رحيم، تَراه مَيَّالا إلى الدعوة إلى الإقبال على المعروف رغبةً في لجم النفس خشيةَ أن تَنْأَى وتَنُوء قبل أنْ تَأْمُرَ بالسُّوء.. أَبٌ كهذا مِن اليقين أنه لا تنقصه عزيمة الرجال وهِمَّةُ الصابرين الذين لا يَحملون هَمَّ الرِّزق هُم العارفون أنه الرحمان جَلّ جلاله الرزَّاق الكريم..
كأنَّ السماء تَستجيب لنداء بلا صوت يَنبعث في خفاء مِن أعماق قلبٍ يُجِيدُ الخشوع، قلب الأب، فإذا بموكب الخير يَتقدم وقد انفتح له باب الرزق..
في ساعة يَعلم غيبَها اللهُ، يتقدم رجُلان للزواج بابنتي الأب الحكيم، يَزفّ الأبُ الواحدة منهما إلى بيت الفلاح، بينما يَزفّ الثانية إلى مسكن صانع الفخار..
يَعود الأب بثبات ووَقار، يَسبقه إلى دارِه سِربُ عصافير الفرَح وقد اطْمَأَنَّ الرجُلُ المسكين ما أن سَتَرَ ابنتيه بِثَوْبِ الستر..
تَمُرُّ عربةُ الأيام يَجُرُّها حصانُ الزمن الذي يَركض ركضَ المجانين، فإذا بزوجة الرجل المسكين تُرَطِّبُ الكلمات قبل أن تُداوي بها وجعَ الفراق وهي تَسأل زوجها أن يُلَبِّيَ رغبتَها (هي الأُمّ التوَّاقة إلى حضن البنات) في زيارة ابنتيها لِتَفَقُّد الأحوال.. الأبُ العطوف بحرارة الشوق الكائن والممكن يَعِدُهَا بأن يُجِيبَ دعوتها، ومِن ثمة يَتَأَهَّب للرحيل..
يَحُطُّ حَمام الشوق عند عتبة بيت البنت الكبرى، فإذا بطُبول اللقاء تَضرب لأبيها موعدا معها، يَستريح ويسأل عن الحال، فما يكون جواب البنت غير أنها ستَكون في أَسْعَد حال إذا أَمْطَرَت السماء بعد أن استدان زوجُها مبلغا مِن المال لِيَزْرَعَ قطعةَ الأرض الواعِدة بِطيب الحصاد..
تَدُور رَحى الوقت لِيَجِدَ الأبُ نَفْسَه عند باب بيت ابنته الصغرى، يَصْفُو البال ويَسأل عن الحال، فما يكون جواب البنت غير أنها ستَكون في أحسن حال إذا لم تُمْطِر السماء بعد أن استدان زوجها مبلغا مِن المال ليَصنع مَجَامِر ألفَخَّار تلك التي تَرَكَها تَجِفّ فوق سطح البيت..
عقارب ساعة القَدَر تُعِيد الأبَ المسكين إلى بيته لِيَجِدَ في انتظاره الأُمّ السائلة عن حال ابنتيها، فإذا به يُجِيبُ بعد أن الْتَقَطَ أَنْفَاسَه: «إذا أَمْطَرَت السماءُ فالحمد لله، وإذا لم تُمْطِر السماءُ فالحمد لله»..
وهُنا يا صديقي بَيت القصيد: تَعَلَّمْ أنْ تَحمدَ الله، فالحياة صُندوق مِفتاحُه الحمد..
نافِذَةُ الرُّوح:
- «مَا أَقْصَرَ سِروالَ الْمُروءة!».
- «عمياء عيونُ الغيرةِ».
- «جُدران الحُبّ لا تَنال منها شُروخُ الزمن».
- «شِفاهُ الحرية أكثرُ غِواية».
- «بَيْنَ الْعَتَه والجنون نافذةٌ».
- «سَنابِل الحُلم فارِغة في حُقول الصَّمت».
- «في مَرْمَى الحُبّ لا تَضِيعُ أَهْدَاف».
بقلم: سعاد درير
copy short url   نسخ
17/10/2019
2651